للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشْرِ جَلَدَاتٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ، إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» وَعَنْهُ: مَا كَانَ سَبَبُهُ الْوَطْءَ، كَوَطْءِ جَارِيَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمُزَوَّجَةِ وَنَحْوِهِمَا؟ ضُرِبَ مِائَةً، وَيُسْقِطُ عَنْهُ النَّفْيُ. وَكَذَلِكَ يَتَخَرَّجُ فِيمَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الظَّالِمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ زَجْرٌ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ، لَكِنْ لِاشْتِفَاءِ الْمَظْلُومِ وَأَخْذِ حَقِّهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: يُفْعَلُ ذَلِكَ، وَلَا يَخْلُو عَنْ رَدْعٍ وَزَجْرٍ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ذَلِكَ لِلْعَدْلِ بَيْنَ خَلْقِهِ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْقِصَاصُ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَالشَّجَرِ وَالْعِيدَانِ جَائِزٌ شَرْعًا بِإِيقَاعِ مِثْلِ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَكَمَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيُّ فِي الْقِصَاصِ مِنَ الْحَجَرِ: لِمَ نَكَبَ أُصْبُعَ الرَّجُلِ؟ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْقِصَاصُ مُوَافِقٌ لِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ (وَلَا يُزَادُ فِي التَّعْزِيرِ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُرَادُ عِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: إِلَّا فِي مُحَرَّمٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَنْهُ: يُتْبَعُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَعَنْهُ: لَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَدْنَى حَدٍّ مَشْرُوعٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَبْلُغَ بِكُلِّ جِنَايَةٍ حَدًّا مَشْرُوعًا فِي جِنْسِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى حَدِّ غَيْرِ جِنْسِهَا (وَعَنْهُ: مَا كَانَ سَبَبُهُ الْوَطْءَ، كَوَطْءِ جَارِيَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمُزَوَّجَةِ وَنَحْوِهِمَا) كَجَارِيَةِ وَلَدِهِ أَوْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَالْمُحَرَّمَةِ بِرَضَاعٍ وَمَيْتَةٍ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ (ضَرْبُ مِائَةٍ) لِمَا سَبَقَ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ فِي وَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ بِإِذْنِهَا، فَيَتَعَدَّى إِلَى وَطْءِ أَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمُزَوَّجَةِ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ فِي أَمَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا: يُجْلَدُ الْحَدَّ إِلَّا سَوْطًا. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى عَشْرٍ فَأَقَلَّ، إِلَّا فِي وَطْءِ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ، فَيُعَزَّرُ حُرٌّ بِمِائَةٍ إِلَّا سَوْطًا، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الْعُمُومِ، لِحَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ (وَيَسْقُطُ عَنْهُ النَّفْيُ) أَيْ: يُضْرَبُ مِائَةَ جَلْدَةٍ بِلَا نَفْيٍ، وَلَهُ نَقْصُهُ، وَيُرْجَعُ فِي أَقَلِّهِ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، مَعَ أَنَّهُ اخْتَارَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ لِلْحَاجَةِ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ مُبْتَدِعٌ دَاعِيَةٌ، وَنَقَلَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْأُطْرُوشُ فِي الدُّعَاةِ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>