للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَيُجْلَدَ مِائَةً، وَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِالْإِبَاحَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلَا يُزَادُ فِي التَّعْزِيرِ عَلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَدُّ) لِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ فِي غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا مِلْكٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَوَطْءِ أمة غير زَوْجَتِهِ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ أَحَلَّتْهَا لَهُ فَيُجْلَدُ مِائَةً) وَلَا رَجْمَ وَلَا تَغْرِيبَ، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ: «أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُنَيْنٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ، فَقَالَ: لِأَقْضِيَنَّ فِيكَ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَكَ جَلَدْتُكَ مِائَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَكَ رَجَمْتُكَ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْهُ، فَقَالَ: أَنَا أَتَّقِي هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا حَبِيبَ بْنَ سَالِمٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَعَنْهُ: يُعَزَّرُ مِائَةً إِلَّا سَوْطًا، وَعَنْهُ يُعَزَّرُ بِعَشْرٍ (وَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .

إِحْدَاهُمَا: يَلْحَقُهُ، جَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا فِي مِلْكٍ، وَلَا شُبْهَةِ مِلْكٍ، أَشْبَهَ الزِّنَا الْمَحْضَ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِنْ ظَنَّ جَوَازَهُ لَحِقَهُ، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ فِيهِ، وَفِي حَدِّهِ، وَعَنْهُ: يُحَدُّ فَلَا يَلْحَقُهُ لِعَدَمِ حِلِّهَا، وَلَوْ ظَنَّ حِلَّهَا، نَقَلَهُ مُهَنَّا (وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِالْإِبَاحَةِ) لِعُمُومِ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الزَّانِي (فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ) وَهُوَ إِبَاحَةُ الزَّوْجَةِ أَمَتَهَا لِزَوْجِهَا، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ هُنَا لِحَدِيثِ النُّعْمَانِ.

تَنْبِيهٌ: نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِيمَنْ زَنَى صَغِيرًا، لَمْ يَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي صَبِيٍّ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِي، لَيْسَ قَوْلُهُ شَيْئًا، وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ: أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أن غير الْمُكَلَّفُ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، يُعَاقَبُ عَلَى الْفَاحِشَةِ تَعْزِيرًا بَلِيغًا، وَكَذَا الْمَجْنُونُ يُضْرَبُ عَلَى مَا فَعَلَ لِيَنْزَجِرَ، لَكِنْ لَا عُقُوبَةَ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ، وَفِي الْوَاضِحِ: مَنْ بَلَغَ عَشْرًا صَلُحَ تَأْدِيبُهُ فِي تَعْزِيرٍ عَلَى طَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ، وَمِثْلُهُ زِنَاهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي، وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ فِي الْغِلْمَانِ، يَتَمَرَّدُونَ لَا بَأْسَ بِضَرْبِهِمْ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ مِثْلُ أَنْ يَظْلِمَ صَبِيٌّ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونٌ مَجْنُونًا، أَوْ بَهِيمَةٌ بَهِيمَةً، فَيُقْتَصُّ لِلْمَظْلُومِ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>