للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْكِنَايَةِ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا حَالَ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ جَاءَتْ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ، وَالْأَوْلَى فِي الْأَلْفَاظِ الَّذِي يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا لِغَيْرِ الطَّلَاقِ نَحْوَ: اخْرُجِي، وَاذْهَبِي،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِأَهْلِكِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِيُطَلِّقَ ثَلَاثًا لِنَهْيِهِ عَنْهُ، وَكَاعْتَدِّي، وَاسْتَبْرِئِي، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ - عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ: لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ، وَبَابُ الدَّارِ لَكِ مَفْتُوحٌ - كَأَنْتِ بَائِنٌ، وَفِي الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ وَجْهَانِ.

[مِنْ شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَةِ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ]

(وَمِنْ شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَةِ) وَلَوْ ظَاهِرَةٌ فِيهَا رِوَايَةٌ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ (أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ) ؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ، فَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ إِلَّا بِنِيَّةٍ كَالْخَفِيَّةِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِلَّفْظِ، وَقِيلَ: أَوَّلِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَفِي " الرِّعَايَةِ " أَوْ قَبْلَهُ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": فَإِنْ وُجِدَتْ فِي أَوَّلِهِ وَعُرِّيَتْ عَنْهُ فِي سَائِرِهِ - وَقَعَ، خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا حَالَ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ) أَشْهَرُهُمَا - وَهُوَ مُخْتَارُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ - أَنَّهَا تُطَلَّقُ، قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ فِي الْغَضَبِ، أَخْشَى أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا، إِذْ دَلَالَةُ الْحَالِ كَالنِّيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ: يَا عَفِيفَ ابْنَ الْعَفِيفِ حَالَ تَعْظِيمِهِ، كَانَ مَدْحًا، وَلَوْ قَالَهُ حَالَ الشَّتْمِ كَانَ ذَمًّا وَقَذْفًا.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الطَّلَاقِ، وَلَمْ يَنْوِهِ، فَلَمْ يَقَعْ كَحَالَةِ الرِّضَا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ لَمْ يُرِدْهُ أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ - لَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا فِي الْأَشْهَرِ (وَإِنْ جَاءَتْ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ) ؛ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ الْكِنَايَةِ عُقَيْبَ سُؤَالِهَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى إِرَادَتِهِ، فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ عَمَلًا بِالدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ (وَالْأَوْلَى فِي الْأَلْفَاظِ الَّذِي يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا لِغَيْرِ الطَّلَاقِ نَحْوُ: اخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَرُوحِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ حَتَّى يَنْوِيَهُ) ؛ لِأَنَّ مَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ إِذَا وُجِدَ عُقَيْبَ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِ طَلَاقٍ - لَا يُغْنِي عَنِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تَصْرِفُهُ عَنْ إِرَادَةِ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا قَلَّ، فَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ، فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِهَا؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَنْصَرِفُ إِلَى السُّؤَالِ.

وَقِيلَ: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَثَرٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ مُحْتَمَلٌ، فَقُبِلَ، كَمَا لَوْ كُرِّرَ لَفْظًا، وَقَالَ: أَرَدْتُ التَّأْكِيدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>