يَوْمَ تَلَفِهَا، وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهَا
وَإِنْ شُرِطَ نَفْيُ ضَمَانِهَا، وَكُلُّ مَا كَانَ أَمَانَةً لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا بِشَرْطِهِ، وَمَا كَانَ مَضْمُونًا لَا يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِهِ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، فَيَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ أَجْزَاؤُهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِتْلَافٍ، فَكَانَ مَضْمُونًا كَالْغَصْبِ، وَقَاسَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " عَلَى الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَدَلَّ عَلَى رِوَايَةٍ مُخَرَّجَةٍ وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ لَا يَضْمَنُ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ " الْهَدْيِ " فِيهِ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانٌ» ، وَلِأَنَّهُ قَبَضَهَا بِإِذْنِ مَالِكِهَا فَكَانَتْ أَمَانَةً، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَرْوِيهِ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ ضَمَانَ الْمَنَافِعِ وَالْأُجْرَةِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَعَدَّى فِيهَا أَوْ لَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إِذَا تَلِفَتْ فِي يَدِ مُسْتَعِيرٍ مِنْ مُسْتَأْجِرِهَا، أَوْ يَكُونُ الْمُعَارُ وَقْفًا كَكُتُبِ الْعِلْمِ وَنَحْوِهَا، فَلَا يَضْمَنُ فِيهِمَا إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ (بِقِيمَتِهَا) لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهَا فِي الْإِتْلَافِ، فَوَجَبَ عِنْدَ تَلَفِهَا كَالْإِتْلَافِ، وَإِذَا قُلْنَا بِضَمَانِ الْأَجْزَاءِ التَّالِفَةِ بِالِانْتِفَاعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا بِقِيمَتِهَا قَبْلَ تَلَفِ أَجْزَائِهَا إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا (يَوْمَ تَلَفِهَا) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ فَوَاتُ الْعَارِيَةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الضَّمَانِ بِهِ
[مَا كَانَ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا بِشَرْطِهِ]
(وَإِنْ شُرِطَ نَفْيُ ضَمَانِهَا) أَيْ: لَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اقْتَضَى الضَّمَانَ لَمْ يُغَيِّرْهُ الشَّرْطُ كَالْمَقْبُوضِ بِبَيْعٍ.
(وَكُلُّ مَا كَانَ أَمَانَةً) كَالْوَدِيعَةِ (لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا بِشَرْطِهِ، وَمَا كَانَ مَضْمُونًا لَا يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِهِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا اقْتَضَى شَيْئًا فَشُرِطَ غَيْرُهُ، يَكُونُ شَرْطًا لِشَيْءٍ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ شُرِطَ فِي الْمَبِيعِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ (وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، فَيَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ) .
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ فِي إِتْلَافِهَا لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهَا، فَكَذَا إِذَا سَقَطَ عَنْهُ ضَمَانُهَا، وَعَنْهُ: إِنْ لَمْ يُشْرَطْ نَفْيُهُ، جُزِمَ بِهِ فِي " التَّبْصِرَةِ " (وَإِنْ تَلِفَتْ أَجْزَاؤُهَا بِالِاسْتِعْمَالِ) أَيْ: بِانْتِفَاعٍ مَعْرُوفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute