كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْحِلُّ، فَيَحِلُّ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهَا، فَأَمَّا النَّجَاسَاتُ كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَغَيْرِهِمَا، وَمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ مِنَ السُّمُومِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ] [حُكْمُ الْأَطْعِمَةِ]
وَهِيَ: جَمْعُ طَعَامٍ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مَا يُؤْكَلُ، وَرُبَّمَا خَصَّ بِهِ الْبُرَّ، وَالْمُرَادُ هُنَا: مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ، فَيَتَبَيَّنُ مَا يُبَاحُ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ، وَمَا يَحْرُمُ.
(وَالْأَصْلُ فِيهَا الْحِلُّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [الأعراف: ١٥٧] ، لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لِمُسْلِمٍ، وَقَالَ أَيْضًا: اللَّهُ أَمَرَ بِالشُّكْرِ، وَهُوَ: الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ، بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ، وَتَرْكِ الْمَحْذُورِ، فَإِنَّمَا أَحَلَّ الطَّيِّبَاتِ لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى طَاعَتِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] الْآيَةَ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ بِالْمُبَاحِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، كَمَنْ يُعْطِي الْخُبْزَ، وَاللَّحْمَ لِمَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْفَوَاحِشِ، وقَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: ٨] أَيْ: عَنِ الشُّكْرِ عَلَيْهِ، (فَيَحِلُّ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَنِ النَّجِسِ، (لَا مَضَرَّةَ فِيهِ) عَلَى مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ كَالسُّمُومِ، ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ) ، فَهُوَ بَيَانٌ لِمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مِمَّا جَمَعَ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ، (وَغَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، مِمَّا يَجْمَعُ الطُّعْمَ، وَالطَّهَارَةَ، وَعَدَمَ الْمَضَرَّةِ، وَقَدْ سَأَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ عَنِ الْمِسْكِ، يُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ وَيَشْرَبُهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، (فَأَمَّا النَّجَاسَاتُ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) فَمُحَرَّمَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] ، وَلِأَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ أَقْبَحُ مِنْ الِادِّهَانِ بِدُهْنِهَا وَالِاسْتِصْبَاحِ، وَهُوَ حَرَامٌ، فَلَأَنْ يَحْرُمُ مَا هُوَ أَقْبَحُ مِنْهُ بِطَرِيقِ لأولى، (وَغَيْرِهِمَا) أَيْ: غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ النَّجَاسَاتِ مُحَرَّمٌ، فَلِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute