بِمَالَيْهِمَا لِيَعْمَلَا فِيهِ بِبَدَنَيْهِمَا وَرِبْحُهُ لَهُمَا، فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ وَالْوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ
وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَعَنْهُ: تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ، وَيُجْعَلُ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَتَهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَمَلِهِ، وَقَوْلُهُ فِي " الشَّرْحِ ": إِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ (وَهِيَ) جَائِزَةٌ إِجْمَاعًا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَإِنِ اخْتُلِفَ فِي بَعْضِ شُرُوطِهَا (أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ) فَمَا فَوْقَهُمَا سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَلَا تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ كِتَابِيٍّ إِنْ وَلِيَ الْمُسْلِمُ التَّصَرُّفَ، نَصَّ عَلَيْهِ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ مُشَارَكَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ بِيَدِ الْمُسْلِمِ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ، وَكَرِهَهُ الْأَزَجِيُّ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا، وَلِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ لَيْسَتْ بِطَيِّبَةٍ، فَإِنَّهُمْ يَبِيعُونَ الْخَمْرَ، وَيَتَبَايَعُونَ بِالرِّبَا، وَكَالْمَجُوسِ، نَصَّ عَلَيْهِ (بِمَالَيْهِمَا) الْمَعْلُومَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ قَدْرًا، وَجِنْسًا، وَصِفَةً أَوْ لَا، وَيُعْتَبَرُ حُضُورُ مَالَيْهِمَا لِتَقْرِيرِ الْعَمَلِ، وَتَحْقِيقِ الشَّرِكَةِ إِذَنْ كَمُضَارَبَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوِ اشْتَرَكَا فِي مُخْتَلِطٍ بَيْنَهُمَا شَائِعًا صَحَّ إِنْ عَلِمَا قَدْرَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَهَذَا الْقَيْدُ أَخَرَجَ الْمُضَارَبَةَ ; لِأَنَّ الْمَالَ فِيهَا مِنْ جَانِبٍ، وَالْعَمَلَ مِنْ آخَرَ بِخِلَافِهَا لِكَوْنِهَا تَجْمَعُ مَالًا وَعَمَلًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لِيَعْمَلَا فِيهِ بِبَدَنَيْهِمَا) وَالْأَصَحُّ: أَوْ أَحَدُهُمَا، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ رِبْحِ مَالِهِ وَبِقَدْرِهِ إِبْضَاعٌ، وَبِدُونِهِ لَا يَصِحُّ، وَفِيهِ وَجْهٌ (وَرِبْحُهُ لَهُمَا) لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِمَا وَعَمَلِهِمَا مُتَسَاوِيًا وَمُتَفَاضِلًا عَلَى مَا شَرَطَاهُ ; لِأَنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ تَارَةً وَبِالْعَمَلِ أُخْرَى كَالْمُضَارِبِ.
(فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَالْوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ) لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِجِهَةِ الْإِذْنِ فَهُوَ كَالْوَكَالَةِ، وَدَلَّ أَنَّ لَفْظَ الشَّرِكَةِ يُغْنِي عَنْ إِذَنٍ صَرِيحٍ فِي التَّصَرُّفِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَالْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، قَالَهُ فِي الْفُصُولِ.
[شُرُوطُ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ]
(وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ) فَتَصِحُّ بِغَيْرِ خِلَافٍ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَغْشُوشَةٍ ; لِأَنَّهَا قِيَمُ الْأَمْوَالِ، وَأَثْمَانُ الْبِيَاعَاتِ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute