للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتَ الْعَقْدِ، وَهَلْ تَصِحُّ بِالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِطَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَشْتَرِكُونَ فِيهَا فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَلَا تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بِهَا إِمَّا أَنْ تَقَعَ عَلَى أَعْيَانِهَا، أَوْ عَلَى قِيمَتِهَا، أَوْ عَلَى ثَمَنِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَلِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ عِنْدَ الْمُفَاضَلَةِ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَلَا مِثْلَ لَهُ، فَيَرْجِعُ بِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي، فَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَزِيدُ بِحَيْثُ يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الرِّبْحِ، وَقَدْ تَنْقُصُ بِحَيْثُ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِي ثَمَنِ مِلْكِهِ الَّذِي لَيْسَ بِرِبْحٍ مَعَ أَنَّ الْقِيمَةَ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةِ الْمِقْدَارِ، فَيُفْضِي إِلَى التَّنَازُعِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ، فَلِأَنَّ الثَّمَنَ مَعْدُومٌ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَا يَمْلِكَانِهَا لِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ ثَمَنَهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَصَارَ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ أَرَادَ ثَمَنَهَا الَّذِي يَبِيعُهَا بِهِ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ شَرِكَةً مُعَلَّقَةً عَلَى شَرْطٍ وَهِيَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ (وَعَنْهُ تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ) اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " ; لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّرِكَةِ جَوَازُ تَصَرُّفِهِمَا فِي الْمَالَيْنِ جَمِيعًا، وَكَوْنُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا يَحْصُلُ فِي الْعُرُوضِ مِنْ غَيْرِ غَرَرٍ كَمَا يَحْصُلُ فِي الْأَثْمَانِ (وَيُجْعَلُ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَتَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ) لِيَتَمَكَّنَ الْعَامِلُ مِنْ رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ التَّفَاضُلِ كَمَا أَنَّا جَعَلْنَا نِصَابَ زَكَاتِهَا قِيمَتَهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْعُرُوضُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْحُبُوبِ أَوْ لَا، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": وَعَنْهُ يَصِحُّ بِكُلِّ عَرَضٍ مُتَقَوِّمٍ، وَقِيلَ مِثْلِيٍّ (وَهَلْ تَصِحُّ بِالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَبَنَاهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِنَقْدٍ، وَقَيَّدَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ " بِالنَّافِقَتَيْنِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " فِي فُلُوسٍ نَافِقَةٍ رِوَايَتَانِ، إحَداهُمَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ ; لِأَنَّ الْمَغْشُوشَ لَا يَنْضَبِطُ غِشُّهُ فَلَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهِ، وَالْفُلُوسُ تَزِيدُ قِيمَتُهَا وَتَنْقُصُ، أَشْبَهَتِ الْعُرُوضَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْغِشُّ الْيَسِيرُ لِمَصْلَحَتِهِ كَحَبَّةِ فِضَّةٍ فِي دِينَارٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَالثَّانِي يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْغِشَّ يُسْتَهْلَكُ فِي الْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ بِشُبْهَةِ الثَّمَنِ.

قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَرَى السَّلَمَ فِي الْفُلُوسِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الصَّرْفَ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>