الَّذِي يُحْسَمُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنْ مَالِ السَّارِقِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
بَابٌ، حَدُّ الْمُحَارِبِينَ وَهُمْ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ بِالسِّلَاحِ فِي الصَّحْرَاءِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا أَقَمْتُمُ الْحَدَّ عَلَى السَّارِقِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ» وَلِأَنَّ التَّضْمِينَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، وَالْمِلْكُ يَمْنَعُ الْقَطْعَ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُمَا حَقَّانِ لِمُسْتَحِقَّيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَدِيثُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ فِيهِ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَلَوْ سُلِّمَ صِحَّتُهُ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي أُجْرَةِ الْقَاطِعِ (وَهَلْ يَجِبُ الزَّيْتُ الَّذِي يُحْسَمُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنْ مَالِ السَّارِقِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَصَالِحِ لَمْ يَذْكُرْ فِي " الْكَافِي " غَيْرَهُ، فَإِنْ لَمْ تُحْسَمْ فَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ لَا مُدَاوَاةَ الْمَحْدُودِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا مِنْ مَالِ السَّارِقِ، قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّهُ مُدَاوَاةٌ كَمُدَاوَاتِهِ فِي مَرَضِهِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَقْطُوعِ حَسْمُ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَأْثَمْ لِأَنَّهُ تَرَكَ التَّدَاوِيَ فِي الْمَرَضِ.
[بَابٌ حَدُّ الْمُحَارِبِينَ]
[تَعْرِيفُ الْمُحَارِبِ وَحُكْمُهُ]
بَابٌ، حَدُّ الْمُحَارِبِينَ.
الْمُحَارِبُونَ وَاحِدُهُمْ مُحَارِبٌ، وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ حَارَبَ يُحَارِبُ، وَهُوَ فَاعِلٌ مِنَ الْحَرْبِ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ الْحَرْبُ اشْتِقَاقُهَا مِنَ الْحَرَبِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ مَصْدَرُ حَرَبَ مَالَهُ أَيْ: سَلَبَهُ، وَالْحَرِيبُ الْمَحْرُوبُ، وَالْأَصْلُ فِيهِمْ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: نَزَلَتْ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] وَالْكُفَّارُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ كَمَا تُقْبَلُ قَبْلَهَا، فَلَمَّا خَصَّهُ بِمَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عُلِمَ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute