للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا ذَلِكَ.

وَيَحْرُمُ الرِّبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْحَرْبِيِّ، وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَمْ يَقْضِهِ إِيَّاهَا وَقْتَ دَفْعِهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ أَحْضَرَهَا وَقَوَّمَاهَا، فَإِنَّهُ يَحْتَسِبُ ذَلِكَ مِنْهَا يَوْمَ الْقَضَاءِ لَا يَوْمَ دَفَعَهَا إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ، أَوْ نَقَصَتْ كَانَ مِنْ ضَمَانِ مَالِكِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَمِنْهَا: لَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَ صَيْرَفِيٍّ دَنَانِيرُ فَأَخَذَ مِنْهُ دَرَاهِمَ إِدْرَارًا لِيَكُونَ هَذِهِ بِهَذِهِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ أَرَادَا الْمُصَارَفَةَ أَحْضَرَ أَحَدَهُمَا، وَاصْطَرَفَا بِعَيْنٍ وَذِمَّةٍ.

وَمِنْهَا: الْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَالْمَقْبُوضِ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ.

[حُرْمَةُ الرِّبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ]

(وَيَحْرُمُ الرِّبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْحَرْبِيِّ، وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، كَمَا يَحْرُمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ زَادَ، أَوِ ازْدَادَ، فَقَدْ أَرْبَى» . وَهُوَ عَامٌّ، وَلِأَنَّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ مُحَرَّمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَدَارِ الْبَغْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِمَا، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": الْبَاغِي مَعَ الْعَادِلِ كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُ مَالَ صَاحِبِهِ بِالْإِتْلَافِ فَهِيَ كَدَارِ حَرْبٍ وَرَدَّهُ فِي " الْفُرُوعِ ".

وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ إِلَّا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ بَيْنَهُمَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الْمُحَرَّرِ "، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ "، وَعَنْهُ: لَا يَحْرُمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ذَكَرَهَا فِي " الْمُوجَزِ " وَأَقَرَّهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَلَى ظَاهِرِهَا لِمَا رَوَى مَكْحُول مَرْفُوعًا: «لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَأَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ» ، وَلِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ مُبَاحَةٌ، وَإِنَّمَا حَظَرَهَا الْأَمَانُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُنْتَقِضٌ بِالْحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ وَبِأَنَّهُ خَبَرٌ مَجْهُولٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ بِهِ تَحْرِيمُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَالسُّنَّةُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>