بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ
إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا، فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ أَجَلْ أَوْ صَدَقَ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهَا، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ فِي ثُبُوتِ مِلْكِهِ.
فَعَلَى هَذَا: يُقِرُّ بِيَدِ الْمُقِرِّ ; لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ. فَإِذَا بَطَلَ إِقْرَارُهُ بَقِيَ كَأَنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ. فَإِنْ عَادَ الْمُقِرُّ فَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِثَالِثٍ، قُبِلَ مِنْهُ، وَلَمْ يُقْبَلْ بَعْدَهَا عَوْدُ الْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا إِلَى دَعْوَاهُ. (وَفِي الْآخَرِ: يُؤْخَذُ الْمَالُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ) فَيُحْفَظُ لَهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالِكُهُ ; لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُنْكِرُ مِلْكَهُ، فَهُوَ كَالْمَالِ الضَّائِعِ.
فَعَلَى هَذَا: يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِمَا. ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا أَكْذَبَهُ أنه يَبْطُلُ إِقْرَارُهُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَعَلَى الثَّانِي: أَيُّهُمَا غَيَّرَ قَوْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ]
(إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا، فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ أَجَلْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ وَسُكُونَةِ اللَّامِ، وَهُوَ حَرْفُ تَصْدِيقٍ كَنَعَمْ.
قَالَ الْأَخْفَشُ: إِلَّا أَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ نَعَمْ فِي التَّصْدِيقِ، وَنَعَمْ أَحْسَنُ مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَامِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: ٤٤] ، وَقِيلَ لِسَلْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ؛ قَالَ: أَجَلْ. (أَوْ صَدَقْتَ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهَا، أَوْ بِدَعْوَاكَ، كَانَ مُقِرًّا) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وُضِعَتْ لِلتَّصْدِيقِ.
وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ كَذَا؟ قَالَ: بَلَى. كَانَ إِقْرَارًا صَحِيحًا ; لِأَنَّ بَلَى جَوَابٌ لِلسُّؤَالِ بِحَرْفِ النَّفْيِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] ، فَلَوْ قَالَ: نَعَمْ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا. وَقِيلَ: إِقْرَارٌ مِنْ عَامِيٍّ، كَقَوْلِهِ: عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ، بِضَمِّ الرَّاءِ. يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute