للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّعْوِيلُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَابَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً فَعَلَى الْوَلِيِّ.

وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ مَسَاءَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَأَنْ يُخْطَبَ قَبْلَ الْعَقْدِ بِخُطْبَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ ; لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَلَا حُجَّةَ فِيهِ، (فَإِنْ رُدَّ حَلَّ) ; لِمَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ، فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ لَمْ تُعْلَمِ الْحَالُ) هَلْ أُجِيبَ أَمْ لَا (فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ ; لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَالثَّانِي: بَلَى، وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجَابَةِ، وَمِثْلُهُ: لَوْ تَرَكَ الْخِطْبَةَ، أَوْ أُذِنَ لَهُ، أَوْ سُكِتَ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ ذِمِّيًّا لَمْ تَحْرُمِ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَمَا لَا يَنْصَحُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ حَرَامٌ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَرُدَّ بِأَنَّ لَفْظَ النَّهْيِ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ، وَإِلْحَاقُ غَيْرِهِ بِهِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ مِثْلَهُ، وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ، وَلَا حُرْمَتُهُ كَحُرْمَتِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي جَوَازُ خِطْبَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى خِطْبَةِ أُخْتِهَا، وَصَرَّحَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " بِالْمَنْعِ، وَلَعَلَّ الْعِلَّةَ تُسَاعِدُهُ (وَالتَّعْوِيلُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَابَةِ) عَلَيْهَا (إِنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً) أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَلَوْ أَجَابَ الْوَلِيُّ وَرَغِبَتْ هِيَ عَنِ النِّكَاحِ كَانَ الْأَمْرُ أَمْرَهَا، (وَإِنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً فَعَلَى الْوَلِيِّ) ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَزْوِيجَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، فَكَانَ الْعِبْرَةُ بِهِ لَا بِهَا، وَفِي " الْمُغْنِي ": إِذَا كَرِهَتِ الْمُجْبَرَةُ الْمُجَابَ، وَاخْتَارَتْ غَيْرَهُ - سَقَطَ حُكْمُ إِجَابَةِ وَلَيِّهَا ; لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا مُقَدَّمٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ، وَإِنْ كَرِهَتْهُ، وَلَمْ تَخْتَرْ سِوَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَسْقُطَ الْإِجَابَةُ أَيْضًا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي قَوْلِ عُمَرَ: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّعْيَ مِنَ الْأَبِ لِلْأَيِّمِ فِي التَّزْوِيجِ، وَاخْتِيَارِ الْأَكْفَاءِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ.

[اسْتِحْبَابُ عَقْدِ النِّكَاحِ مَسَاءَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ]

(وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ مَسَاءَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>