للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرْطٍ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: هُوَ وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِي، فَيَصِحُّ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَصِحُّ.

فَصْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقِيلَ: يَصِحُّ الْوَقْفُ بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ (إِلَّا أَنْ يَقُولَ: هُوَ وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِي، فَيَصِحُّ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ) ، أَيْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوَقْفِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ، وَنَصَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، وَذَكَرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ عُمَرَ أَوْصَى، فَكَانَ فِي وَصِيَّتِهِ: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ حَدَثَ بِهِ حَادِثٌ أَنَّ " ثَمْنًا " صَدَقَةٌ، وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ، وَالسَّهْمَ الَّذِي بِخَيْبَرَ، وَرَقِيقَهُ الَّذِي فِيهِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّ هَذَا تَبَرُّعٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ، فَصَحَّ، كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، فَعَلَى هَذَا يُنَفَّذُ مِنَ الثُّلُثِ فَمَا دُونَ، وَيَقِفُ الْبَاقِي عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَالتَّدْبِيرِ، (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ) وَالْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا فِي " الْخِصَالِ " (لَا يَصِحُّ) ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْوَقْفِ عَلَى شَرْطٍ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ، وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَى أَنَّهُ قَالَ: قِفُوا بَعْدَ مَوْتِي، هَذَا وَصِيَّةٌ بِالْوَقْفِ لَا إِيقَافٌ، وَفِي " الشَّرْحِ " سِوَى الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَ تَعْلِيقِهِ بِالْمَوْتِ، وَبَيْنَ تَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ، وَلَا يَصِحُّ؛ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ، وَهِيَ أَوْسَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْحَيَاةِ بِدَلِيلِ جَوَازِهَا بِالْمَجْهُولِ، وَلِلْمَجْهُولِ وَالْحَمْلِ، وَكَمَا لَوْ قَالَ: إِذَا مِتُّ فَدَارِي لِفُلَانٍ، أَوْ أَبْرَأْتُهُ مِنْ دَيْنِيَ الَّذِي عَلَيْهِ.

[وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ]

فَصْلٌ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْقَبُولُ كَالْمَسْجِدِ وَالْقَنَاطِرِ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اشْتَرَطَ لَامْتَنَعَ صِحَّةَ الْوَقْفِ فِيهِ، وَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ احْتِمَالًا يَقْبَلُهُ نَائِبُ الْإِمَامِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ) ، صَحَّحَهُ صَاحِبُ " النِّهَايَةِ "؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبُولُ كَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ، وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>