فَصْلٌ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ، وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِذَا خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ، أَوْ مَا فِي بَيْتِهَا مِنَ الْمَتَاعِ، فَلَهُ مَا فِيهِمَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُقَدَّرَةٌ وَاجِبَةٌ بِالشَّرْعِ، فَهُوَ كَالْخُلْعِ عَلَى الرَّضَاعِ؛ وَلِأَنَّهَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَهَا وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَجِبْ، فَلَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهَا إِحْدَى النَّفَقَتَيْنِ، فَصَحَّتِ الْمُخَالَعَةُ كَنَفَقَةِ الصَّبِيِّ، وَقِيلَ: إِنْ وَجَبَتِ النَّفَقَةُ بِالْعَقْدِ وَإِلَّا فَهُوَ خُلْعٌ بِمَعْدُومٍ.
فَرْعٌ: إِذَا خَالَعَ حَامِلًا مِنْهُ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَلَا لِلْوَلَدِ حَتَّى تَفْطِمَهُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إِذَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا، وَلَهَا وَلَدٌ - فَلَهَا النَّفَقَةُ عَلَيْهِ إِذَا فَطَمَتْهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا مِنَ النَّفَقَةِ، فَإِذَا فَطَمَتْهُ فَلَهَا طَلَبُهُ بِنَفَقَتِهِ، وَكَذَا السُّكْنَى.
مَسْأَلَةٌ: الْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ كَالْعِوَضِ فِي الصَّدَاقِ وَالْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ، وَلَمْ يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ فِيهِ إِلَّا بِقَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ، وَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ.
[الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ]
فَصْلٌ (وَيَصِحُّ الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَعْنًى يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، فَجَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ الْعِوَضَ الْمَجْهُولَ كَالْوَصِيَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْخُلْعَ إِسْقَاطٌ لِحَقِّهِ مِنِ الْبُضْعِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ شَيْءٍ، وَالْإِسْقَاطُ تَدْخُلُهُ الْمُسَامَحَةُ؛ وَلِذَلِكَ جَازَ بِغَيْرِ عِوَضٍ - عَلَى رِوَايَةٍ، (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ) وَإِنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، فَلَمْ يَصِحَّ بِالْمَجْهُولِ كَالْبَيْعِ (وَالتَّفْرِيعِ عَلَى الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِثَمَنٍ - قَوْلًا وَاحِدًا، بِخِلَافِ الْخُلْعِ عَلَى قَوْلٍ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ فِي ظَاهِرِ نَصِّهِ الْمُسَمَّى (فَإِذَا خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ أَوْ مَا فِي بَيْتِهَا مِنَ الْمَتَاعِ، فَلَهُ مَا فِيهِمَا) إِذَا كَانَ فِيهِمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُخَالَعُ عَلَيْهِ، وَجَهَالَتُهُ لَا تَضُرُّ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى صِحَّةِ الْخُلْعِ بِالْمَجْهُولِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute