فَصْلٌ وَإِذَا كَاتَبَ عَبِيدًا لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ، صَحَّ، وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ، وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا، وَيَعْجِزُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَحْدَهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْعِوَضُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الَّذِي كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِيتَاؤُهُ، وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْقَدْرَ الَّذِي يَلْزَمُهُ إِيتَاؤُهُ وَاسْتوفى الْبَاقِي، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَخَرَّجَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّدَاقِ، وَلَا يَصِحُّ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَاهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، بِخِلَافِ الصَّدَاقِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا كَاتَبَ لثَلَاثَة عَبْدًا فَادَّعَى الْأَدَاءَ إِلَيْهِمْ، فَصَدَّقَهُ اثْنَانِ وَأَنْكَرَهُ الثَّالِثُ، شَارَكَهُمَا فِيمَا أَقَرَّا بِقَبْضِهِ، وَنَصُّهُ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ، وَفِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: لَا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ.
[كَاتَبَ عَبِيدًا لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ]
فَصْلٌ
(وَإِذَا كَاتَبَ عَبِيدًا لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ، فَصَحَّ عَقْدُهَا عَلَى جَمَاعَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ كَالْبَيْعِ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِ ثَلَاثَةٍ لِبَائِعٍ: اشْتَرَيْتُ أَنَا زَيْدًا، وَهَذَا عَمْرًا، وَهَذَا بَكْرًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ (وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ) يَوْمَ الْعَقْدِ ; لِأَنَّهُ حِينَ الْمُعَاوَضَةِ، وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ، فَيُقَسَّطَ عَلَى الْمُعَوِّضِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا، وَكَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبِيدًا، فَرُدَّ وَاحِدٌ بِعَيْبٍ (وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا وَيُعَجَّزُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَحْدَهُ) لِأَنَّ الْحِصَّةَ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ الْمَنْقُودِ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ فِي الْعَقْدِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ عَنِ الْبَاقِينَ، فَسَدَ الشَّرْطُ، وَصَحَّ الْعَقْدُ، وَعَنْهُ: صِحَّةُ الشَّرْطِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: غَلَبَتْ فِيهَا الصِّفَةُ، فَتَكُونُ جَائِزَةً، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ أَوْ عَتَقَ، سَقَطَ قَدْرُ حِصَّتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ الْأَعْلَوْنَ قِيمَةً: أَدَّيْنَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِنَا، وَقَالَ الْأَدْنَوْنَ قِيمَةً: بَلْ عَلَى عَدَدِنَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي التَّسْوِيَةَ إِنْ جَعَلَ الْعِوَضَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْعِوَضُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ) وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَتَوَجَّهُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْعِوَضَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute