للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتِ بُلُوغِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ عَلَى كُفْرِهِ قُتِلَ.

وَمَنِ ارْتَدَّ وَهُوَ سَكْرَانُ لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصْحُوَ، وَتَتِمَّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهِ، فَإِنْ مَاتَ فِي سُكْرِهِ مَاتَ كَافِرًا، وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ. وَهَلْ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ، وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ، أَوْ مَنْ سَبَّ اللَّهَ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَيِ: الصَّبِيُّ لَا يُقْتَلُ إِذَا ارْتَدَّ حَتَّى يَبْلُغَ، سَوَاءٌ قُلْنَا بِصِحَّةِ رِدَّتِهِ، أَوْ لَا، لِأَنَّ الْغُلَامَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الزِّنَا، وَالْقَتْلِ، فَكَذَا لَا يَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الرِّدَّةِ (وَيُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ بُلُوغِهِ) لِأَجْلِ وُجُوبِ اسْتِتَابَتِهِ ثَلَاثًا (فَإِنْ ثَبَتَ عَلَى كُفْرِهِ، قُتِلَ) لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ مُصِرٌ عَلَى رِدَّتِهِ، فَوَجَبَ قَتْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُرْتَدًّا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَصْلِيًّا فَارْتَدَّ، أَوْ كَافِرًا فَأَسْلَمَ صَبِيًّا، ثُمَّ ارْتَدَّ.

فَرْعٌ: مَنْ أَسْلَمَ، وَقَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا قُلْتُ، أَوْ لَمْ أَعْتَقِدِ الْإِسْلَامَ، وَإِنَّمَا أَظْهَرْتُ الشَّهَادَتَيْنِ، صَارَ مُرْتَدًّا، نَصَّ عَلَيْهِ، فِي مَوَاضِعَ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ مِنْهُ مَعَ ظَنِّ صِدْقِهِ، نَقَلَهَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ.

[السَّكْرَانُ إِذَا ارْتَدَّ]

(وَمَنِ ارْتَدَّ وَهُوَ سَكْرَانُ) صَحَّتْ رِدَّتُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَصَحَّحَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " كَإِسْلَامِهِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ: إِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ، فَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْفِرْيَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا فِي سُكْرِهِ، وَاعْتَبَرُوا مَظَنَّتَهَا، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَصَحَّتْ رِدَّتُهُ كَالصَّاحِي، وَلِأَنَّهُ لَا يَزُولُ عقله بِالْكُلِّيَّةِ، وَلِهَذَا يَتَّقِي الْمَحْذُورَاتِ، وَيَفْرَحُ بِمَا يَسُرُّهُ، وَيَغْتَمُّ بِمَا يَضُرُّهُ، وَيَزُولُ سُكْرُهُ عَنْ قُرْبٍ، أَشْبَهَ النَّاعِسَ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ (لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصْحُوَ) فَيَكْمُلَ عَقْلُهُ، وَيَفْهَمَ مَا يُقَالُ لَهُ، وَتَزُولَ شُبْهَتُهُ، لِأَنَّ الْقَتْلَ جُعِلَ لِلزَّجْرِ (وَتَتِمُّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهِ) لِأَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنِ اسْتَمَرَّ سُكْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصْحُوَ، ثُمَّ يُسْتَتَابُ عَقِبَ صَحْوِهِ فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ فِي الْحَالِ (فَإِنْ مَاتَ) ، أَوْ قُتِلَ (فِي سُكْرِهِ مَاتَ كَافِرًا) لِأَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَ ارْتِدَادِهِ، وَلَمْ تَرِثْهُ وَرَثَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالِاعْتِقَادِ، وَالْقَصْدِ، وَالسَّكْرَانُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ، أَشْبَهَ الْمَعْتُوهَ، وَلِأَنَّهُ زَائِلٌ العقل غير

<<  <  ج: ص:  >  >>