للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ أَسْلَمَ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا قُلْتُ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِ، وَأُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ، وَيُجَاوِزَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْجَحِيمِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَعْقِلَ الْإِسْلَامَ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِهِ، فَإِنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا كَلَامُهُ لَقْلَقَةٌ بِلِسَانِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ، وَشَرَطَ الْخِرَقِيُّ مَعَ ذَلِكَ، وَتَبِعَهُ فِي " الْوَجِيزِ ": أَنْ يَكُونَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِضَرْبِهِ عَلَى الصَّلَاةِ لِعَشْرٍ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّ أَكْثَرَ الْمُصَحِّحِينَ لِإِسْلَامِهِ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَجِدُوا لَهُ حَدًّا مِنَ السِّنِينَ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَحْمَدَ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَتَى حَصَلَ لَا حَاجَةَ إِلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِ (وَعَنْهُ: يَصِحُّ إِسْلَامُهُ دُونَ رِدَّتِهِ) قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهِيَ أَظْهَرُ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مَحْضُ مَصْلَحَةٍ، وَنَفْعٍ، فَصَحَّ مِنْهُ، بِخِلَافِ الرِّدَّةِ، فَعَلَى هَذَا: حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَرْتَدَّ، فَإِنْ بَلَغَ وَأَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ كَانَ مُرْتَدًّا (وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» . الْخَبَرَ. وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ تَثْبُتُ بِهِ الْأَحْكَامُ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنَ الصَّبِيِّ، كَالْهِبَةِ، وَالْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، أَشْبَهَ الطِّفْلَ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ مِنِ ابْنِ سَبْعِ سِنِينَ، لِأَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: يَصِحُّ مِنِ ابْنِ خَمْسِ سِنِينَ، وَأَخَذَهُ مِنْ إِسْلَامِ عَلِيٍّ (وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) نَصَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَعَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَصْحَابِ، وَعَلَيْهِنَّ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ، قَالَ فِي " الِانْتِصَارِ ": يَتَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ، وَيُدْفَنُ بِمَقَابِرِهِمْ، وَإِنَّ فَرْضِيَّتَهُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى صِحَّتِهِ كَصِحَّتِهِ تَبَعًا، وَكَصَوْمِ مَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ رَمَضَانَ (وَإِنْ أَسْلَمَ) ثُمَّ، رَجَعَ (ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا قُلْتُ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِ) كَالْبَالِغِ (وَأُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ) لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ، لِمَعْرِفَتِنَا بِعَقْلِهِ، لِأَنَّهُ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَلِهَذَا صَحَّ إِسْلَامُهُ، لِأَنَّهُ مَحْضُ مَصْلَحَةٍ، أَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ، وَعَنْهُ: يَنْتَقِلُ مِنْهُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، لِأَنَّهُ فِي مَظِنَّةِ النَّقْصِ، وَصِدْقَهُ جَائِزٌ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَقْلُهُ لِلْإِسْلَامِ، وَمَعْرِفَتُهُ بِهِ، وَفِعْلُهُ فِعْلُ الْعُقَلَاءِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بِكَلَامِهِمْ (وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>