للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَكْلِهِ، إِلَّا أَنْ يُمْكِنَ تَجْفِيفُهُ كَالْعِنَبِ، فَيَفْعَلُ مَا يَرَى فِيهِ الْحَظَّ لِمَالِكِهِ، وَغَرَامَةَ التَّجْفِيفِ مِنْهُ، وَعَنْهُ: يَبِيعُ الْيَسِيرَ وَيَرْفَعُ الْكَثِيرَ إِلَى الْحَاكِمِ.

الثَّالِثُ: سَائِرُ الْمَالِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَفْرَخَتْ عِنْدَ قَوْمٍ، فَقَضَى أَنَّ الْفِرَاخَ لِصَاحِبِ الطَّيْرَةِ، وَيَرْجِعُ بِالْعَلَفِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا مَعَ تَرْكِ التَّعَدِّي، فَإِنْ تَعَدَّى لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ، وَلِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِحِفْظِهِ، فَكَانَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ كَمَئُونَةِ التَّجْفِيفِ، وَالثَّانِي: لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إِذْنِهِ فَلَمْ يُرْجِعْ، كَمَا لَوْ بَنَى دَارَهُ، وَفَارَقَ التَّجْفِيفَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَتَكَرَّرُ نَفَقَتُهُ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ، فَرُبَّمَا اسْتَغْرَقَتْ ثَمَنَهُ مَعَ أَنَّ الشَّعْبِيَّ عَجِبَ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ، وَقِيلَ: إِنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رُجِعَ، وَإِلَّا فَلَا.

[الثَّانِي مَا يُخْشَى فَسَادُهُ]

(الثَّانِي: مَا يُخْشَى فَسَادُهُ) مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ كَالطَّبِيخِ، وَالْبِطِّيخِ، وَالْخُضْرَاوَاتِ (فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَيْعِهِ) وَحِفْظِ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِبْقَاءً لِمَالِيَّتِهِ، وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ (وَأَكْلِهِ) وَتَثْبُتُ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي حِفْظِهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَيَحْفَظُ صِفَاتِهِ ثُمَّ يُعَرِّفُهُ عَامًا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ، فَإِنْ تَلِفَ الثَّمَنُ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، أَوْ نَقْصٍ، أَوْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ، أَوْ نَقَصَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (إِلَّا أَنْ يُمْكِنَ تَجْفِيفُهُ كَالْعِنَبِ) وَالرُّطَبِ (فَيَفْعَلُ مَا يَرَى فِيهِ الْحَظَّ لِمَالِكِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَفِعْلُ الْأَحَظِّ فِي الْأَمَانَةِ مُتَعَيَّنٌ، وَكَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَرَرًا وَهُوَ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَخَوْفُ مَوْتِهِ.

قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَمُقْتَضَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ، لَكِنْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ بِهِ وَبَيْنَ بَيْعِهِ (وَغَرَامَةُ التَّجْفِيفِ مِنْهُ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ فَكَانَ مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ، وَلَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ رَجَعَ بِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ تَعَيَّنَ أَكْلُهُ (وَعَنْهُ: يَبِيعُ الْيَسِيرَ وَيَرْفَعُ الْكَثِيرَ إِلَى الْحَاكِمِ) لِأَنَّ الْيَسِيرَ يُتَسَامَحُ بِهِ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَكَانَ أَمْرُهُ إِلَى الْحَاكِمِ، وَعَنْهُ: مَعَ وُجُودِهِ.

[الثَّالِثُ سَائِرُ الْمَالِ فَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا]

(الثَّالِثُ: سَائِرُ الْمَالِ) كَالْأَثْمَانِ وَالْمَتَاعِ (فَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا) لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ (وَيُعَرَّفُ الْجَمِيعُ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِهِ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَلِأَنَّهُ طَرِيقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>