للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا، وَيُعَرِّفُ الْجَمِيعَ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ، كَالْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ حَوْلًا كَامِلًا: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نَفَقَةٌ، وَأُجْرَةُ الْمُنَادِي عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: مَا لَا يُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ، وَمَا يُقْصَدُ حِفْظُهُ لِمَالِكِهِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِلَى وُصُولِهَا إِلَى صَاحِبِهَا فَوَجَبَ ذَلِكَ لِحِفْظِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَدَهَا فِي دَارِ حَرْبٍ، فَإِنْ كَانَ فِي جَيْشٍ.

فَقَالَ أَحْمَدُ: يُعَرِّفُهَا سَنَةً فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ يَطْرَحُهَا فِي الْمَغْنَمِ (بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى إِيصَالِ الْمَالِ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ وُجُوبَهُ، وَقَدْرَهُ، وَزَمَانَهُ، وَمَكَانَهُ، وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ، أَمَّا وُجُوبُهُ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُلْتَقِطٍ، سَوَاءٌ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا أَوْ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا، إِلَّا فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا تَتْبَعُهُ الْهِمَّةُ (فِي مَجَامِعِ النَّاسِ كَالْأَسْوَاقِ، وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ) هَذَا مَكَانُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِشَاعَةُ ذِكْرِهَا وَإِظْهَارُهَا لِيَظْهَرَ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا، وَذَلِكَ طَرِيقٌ إِلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ وَاجِدَ اللُّقَطَةِ بِتَعْرِيفِهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ مَجْمَعَ النَّاسِ، بَلْ يُكْرَهُ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " لَا يَجُوزُ، وَقَالَهُ ابْنُ بَطَّةَ لِقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ، وَوَقْتُهُ النَّهَارُ، وَقَدْ يُفْهَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ كَالْأَسْوَاقِ (حَوْلًا كَامِلًا) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَيَكُونُ مُتَوَالِيًا يَلِي الِالْتِقَاطَ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ، إِذْ مُقْتَضَاهُ الْفَوْرُ عِنْدَنَا، وَلِأَنَّ صَاحِبَهَا يَطْلُبُهَا عَقِيبَ ضَيَاعِهَا، فَإِذَا عُرِّفَتْ إِذَنْ، كَانَ أَقْرَبَ إِلَى وُصُولِهَا إِلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَأَخَّرَ، وَلِأَنَّ السَّنَةَ لَا تَتَأَخَّرُ عَنْهَا الْقَوَافِلُ، وَيَمْضِي فِيهَا الزَّمَانُ الَّذِي يُقْصَدُ فِيهَا الْبِلَادُ مِنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَصَلُحَتْ قَدْرًا كَأَجَلِ الْعِنِّينِ، فَيَكُونُ نَهَارًا مُتَوَالِيًا فِي أُسْبُوعٍ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " ثُمَّ مَرَّةً كُلَّ أُسْبُوعٍ فِي شَهْرٍ، ثُمَّ مَرَّةً فِي كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ الْعَادَةُ، وَلَا تُعَرَّفُ كِلَابٌ بَلْ يُنْتَفَعُ بِالْمُبَاحِ مِنْهَا (مَنْ ضَاعَ) هَذَا بَيَانُ مَنْ يَتَوَلَّاهُ (مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نَفَقَةٌ) وَلَا يَصِفُهُ، فَإِنْهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْمَعَهُ أَحَدٌ فَيَصِفَهُ فَيَأْخُذَهُ فَيَفُوتَ عَلَى الْمَالِكِ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " يَذْكُرُ جِنْسَهَا فَيَقُولُ: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا أَطْنَبَ فِي الصِّفَاتِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهَا، وَلَوْ مَعَ خَوْفِهِ مِنْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ لِيَأْخُذَهَا، أَوْ يُطَالِبَهُ بِأَكْثَرَ، فَإِنْ أَخَّرَ لَمْ يَمْلِكْهَا إِلَّا بَعْدَهُ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ.

(وَأُجْرَةُ الْمُنَادِي عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُلْتَقِطِ، نُصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ، فَكَانَتِ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوِ اكْتَرَى شَخْصًا يَقْطَعُ لَهُ مُبَاحًا، فَلَوْ تَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَقَالَ أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>