للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

كَفَّارَةُ الْيَمِينِ

وَهِيَ تَجْمَعُ تَخْيِيرًا وَتَرْتِيبًا، فَيُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: إِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ كِسْوَتِهِمْ، أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، وَالْكِسْوَةُ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يُجْزِئُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، إِنْ شَاءَ قَبْلَ الْحِنْثِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[كَفَّارَةُ الْيَمِينِ] [التَّخْيِيرُ وَالتَّرْتِيبُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

فَصْلٌ

كَفَّارَةُ الْيَمِينِ

(وَهِيَ تَجْمَعُ تَخْيِيرًا وَتَرْتِيبًا) فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ: الْإِطْعَامِ، وَالْكِسْوَةِ، وَالْعِتْقِ، وَالتَّرْتِيبُ فِيهَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَبَيْنَ الصِّيَامِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: ٨٩] ، وَفِي السُّنَّةِ أَحَادِيثُ.

وَأَجْمَعُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَيُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتِهِمْ، أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ فِي الظِّهَارِ، وَيُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ بَعْضًا، وَيَكْسُوَ بَعْضًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ قَوْلٌ، كَبَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ مِنْ جِنْسَيْنِ، وَكَعِتْقٍ مَعَ غَيْرِهِ (وَالْكِسْوَةِ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يُجْزِئُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ) الْفَرْضَ، نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَقَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، كَوَبَرٍ، وَصُوفٍ، وَمَا يُسَمَّى كِسْوَةً، وَلَوْ عَتِيقًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ، فَإِذَا ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ بِاللَّبْسِ، فَلَا يَجُوزُ كَالْحَبِّ الْمَعِيبِ (وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ) لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ لُبْسُهُ فِي الصَّلَاةِ وَيُسَمَّى عُرْيَانًا شَرْعًا، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْزِئَ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: يَتَقَدَّرُ ذَلِكَ بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْكِسْوَةَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ، فَلَمْ يَجُزْ فِيهَا مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، كَالْإِطْعَامِ وَالْإِعْتَاقِ، وَلِأَنَّ التَّكْفِيرَ عِبَادَةٌ تعتبر فِيهَا الْكِسْوَةُ أَشْبَهَتِ الصَّلَاةَ، وَنَصَّ عَلَى الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ، كَالْخِرَقِي وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ السَّتْرَ غَالِبًا لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَوْ أَعْطَاهَا ثَوْبًا وَاسِعًا يَسْتُرُ بَدَنَهَا وَرَأْسَهَا أَجْزَأَ ذَلِكَ إِنَاطَةً بِسَتْرِ عَوْرَتِهَا فِي الصَّلَاةِ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ: إِذَا عَجَزَ عَنِ الْعِتْقِ، وَالْإِطْعَامِ، وَالْكِسْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>