للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثِّيَابُ الطَّاهِرَةُ بِالنَّجِسَةِ، صَلَّى فِي كُلِّ ثَوْبٍ صَلَاةً وَزَادَ صَلَاةً.

بَابُ الْآنِيَةِ كُلُّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ، وَلَوْ كَانَ ثَمِينًا كَالْجَوْهَرِ، وَنَحْوِهِ إِلَّا آنِيَةَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَدَاءُ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ كَانَا طَهُورَيْنِ، وَلَمْ يَكْفِهِ أَحَدُهُمَا.

(وَإِنِ اشْتَبَهَتِ الثِّيَابُ الطَّاهِرَةُ بِالنَّجِسَةِ) وَهُوَ يَعْلَمُ عَدَدَهَا (صَلَّى فِي كُلِّ ثَوْبٍ صَلَاةً) يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ احْتِيَاطًا، كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ وَلَمْ يَجُزِ التَّحَرِّي مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَاءَ يُلْصَقُ بِبَدَنِهِ، فَيَتَنَجَّسُ بِهِ، وَأَنَّهُ يُبَاحُ طَلَبُهُ فِيهِ عِنْدَ الْعَدَمِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ النَّجِسِ، قَالَ الْأَصْحَابَ: وَلِأَنَّ الْقِبْلَةَ يَكْثُرُ الِاشْتِبَاهُ فِيهَا، وَالتَّفْرِيطُ هُنَا حَصَلَ مِنْهُ بِخِلَافِهَا، وَلِأَنَّ لَهَا أَدِلَّةً تَدُلُّ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الثِّيَابِ (وَزَادَ صَلَاةً) لِأَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ يَقِينًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ النَّجِسِ، صَلَّى حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ صَلَّى فِي طَاهِرٍ. صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ وَشَقَّ صَلَاتُهُ فِي الْكُلِّ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَتَحَرَّى فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ، وَالثَّانِي: لَا يَتَحَرَّى، لِأَنَّهُ يَنْدُرُ جِدًّا، وَقِيلَ: يُصَلِّي فِي وَاحِدٍ بِلَا تَحَرٍّ، وَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ، وَلَا تَصِحُّ فِي ثِيَابٍ مُشْتَبِهَةٍ مَعَ وُجُودِ طَاهِرٍ يَقِينًا، وَكَذَا حُكْمُ الْأَمْكِنَةِ الضَّيِّقَةِ، وَأَمَّا الْوَاسِعَةُ فَيُصَلِّي حَيْثُ شَاءَ بِلَا تَحَرٍّ.

[بَابُ الْآنِيَةِ]

[التَّوَضُّؤُ مِنَ الْآوَانِي الَّتِي لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهَا]

بَابُ الْآنِيَةِ الْآنِيَةُ هِيَ الْأَوْعِيَةُ: جَمْعُ إِنَاءٍ كَسِقَاءٍ وَأَسْقِيَةٍ، وَجَمْعُ الْآنِيَةِ أَوَانٍ، وَالْأَصْلُ أَآنِي أُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ وَاوًا كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ هَمْزَتَيْنِ، كَآدَمَ وَأَوَادِمٍ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَدَمَةِ، أَوْ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، أَيْ: وَجْهِهَا، وَهِيَ ظُرُوفُ الْمَاءِ، لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمَاءَ ذَكَرَ ظَرْفَهُ.

(كُلُّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ) كَالْخَشَبِ، وَالْجُلُودِ، وَالصُّفْرِ، وَالْحَدِيدِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ جِلْدُ الْآدَمِيِّ، وَعَظْمُهُ لِحُرْمَتِهِ (وَلَوْ كَانَ) الْإِنَاءُ (ثَمِينًا كَالْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ) كَبِلَّوْرٍ، وَيَاقُوتٍ، وَزُمُرُّدٍ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ الْوُضُوءَ فِي الصُّفْرِ، وَالنُّحَاسِ، وَالرَّصَاصِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ، لِأَنَّ الْمَاءَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا، وَرُوِيَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَكْرَهُ رِيحَ النُّحَاسِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ.

» رَوَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>