فَصْلٌ فَأَمَّا الْأَسْمَاءُ الْعُرْفِيَّةُ، فَهِيَ أَسْمَاءٌ اشْتَهَرَ مَجَازُهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَالرَّاوِيَةِ، وَالظَّعِينَةِ، وَالدَّابَّةِ، وَالْغَائِطِ، وَالْعَذِرَةِ، وَنَحْوِهَا، فَتَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِالْعُرْفِ دُونَ الْحَقِيقَةِ. وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَطْءِ امْرَأَتِهِ، تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِجِمَاعِهَا، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَطْءِ دَارٍ، تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِدُخُولِهَا رَاكِبًا، أَوْ مَاشِيًا، أَوْ حَافِيًا، أَوْ مُنْتَعِلًا، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشُمُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْأَسْمَاءُ الْعُرْفِيَّةُ]
فَصْلٌ (فَأَمَّا الْأَسْمَاءُ الْعُرْفِيَّةُ، فَهِيَ أَسْمَاءٌ اشْتَهَرَ مَجَازُهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَى الْحَقِيقَةِ) لِأَنَّهَا إِذَا لَمْ تَشْتَهِرْ تَكُونُ مَجَازًا لُغَةً، وَسُمِّيَتْ عُرْفِيَّةً لِاسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْعُرْفِ لَهَا فِي غَيْرِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً فِي مَعْنًى، ثُمَّ يَصِيرُ مَدْلُولُهُ عَلَى مَعْنًى آخَرَ عُرْفِيٍّ، وَلَا شُبْهَةَ فِي وُقُوعِ ذَلِكَ (كَالرَّاوِيَةِ) لِلْمَزَادَةِ فِي الْعُرْفِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْجَمَلُ: الَّذِي يستقى عَلَيْهِ، (وَالظَّعِينَةِ) هِيَ فِي الْعُرْفِ لِلْمَرْأَةِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لِلنَّاقَةِ الَّتِي يُظْعَنُ عَلَيْهَا، (وَالدَّابَّةِ) : اسْمٌ لِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ: اسْمٌ لِمَا دَبَّ، (وَالْغَائِطِ، وَالْعَذِرَةِ) فِي الْعُرْفِ: الْخَارِجُ الْمُسْتَقْذَرُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْغَائِطُ: الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الْأَرْضِ، وَالْعَذِرَةُ: فِنَاءُ الدَّارِ، (وَنَحْوِهَا) أَيْ: نَحْوِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، (فَتَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِالْعُرْفِ) لِأَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْحَالِفَ لَا يُرِيدُ غَيْرَهُ، فَصَارَ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ (دُونَ الْحَقِيقَةِ) لِأَنَّهَا صَارَتْ مَهْجُورَةً، وَلَا يَعْرِفُهَا أَكْثَرُ النَّاسِ.
(وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَطْءِ امْرَأَتِهِ تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِجِمَاعِهَا) لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْصَرِفُ اللَّفْظُ فِي الْعُرْفِ إِلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى، حَنِثَ بِوَطْئِهَا أَيْضًا، وَقَدْ سَبَقَ (وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَطْءِ دَارٍ تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِدُخُولِهَا) لِأَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْجِمَاعِ، فَوَجَبَ تَعَلُّقُ يَمِينِهِ بِدُخُولِهَا، (رَاكِبًا، أَوْ مَاشِيًا، أَوْ حَافِيًا، أَوْ مُنْتَعِلًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الدُّخُولِ، وَكَذَا إِنْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي الدَّارِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ دَخَلَهَا رَاكِبًا لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ فِيهَا، وَهَلْ يَحْنَثُ بِدُخُولِ مَقْبَرَةٍ؟ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ لَا، إِنْ قُدِّمَ الْعُرْفُ، وَإِلَّا حَنِثَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» ، إِنَّ اسْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute