فصل.
إذا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَحْمَرَ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَبْيَضَ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ الْيَوْمَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَمْسِ، لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهَادَةٍ عَلَى الْفِعْلِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ لَمْ تُكْمَلِ الْبَيِّنَةُ.
وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَلَيْهِ السَّمَاعُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَصْحَابَهُ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ وَلَمْ يَقُلْ عُمَرُ هَلْ أُشْهِدُكُمْ أَوْ لَا؛ وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ لَمْ يَسْأَلِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا غَيْرُهُمْ، (وَلَا يَجُوزُ فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُشْهِدَهُ عَلَى ذَلِكَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) ، وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ تَلْزَمُ الشَّهَادَةُ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً فِي الْأَفْعَالِ: لَا يَشْهَدُ، حَتَّى يَقُولَ لَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: اشْهَدْ، وَهَذَا إِنْ أَرَادَ بِهِ الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَقُولُ لِأَحَدٍ: اشْهَدْ عَلَيَّ أَنِّي غَصَبْتُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْأَفْعَالَ الَّتِي تَكُونُ بِالتَّرَاضِي كَقَرْضٍ وَبَيْعٍ جَازَ.
[إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا]
(إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَحْمَرَ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَبْيَضَ) لِأَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي صِفَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ الْيَوْمَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَمْسِ، لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْوَقْتِ (وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهَادَةٍ عَلَى الْفِعْلِ، إِذ اخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ) لِأَنَّ أَحَدَ الْفِعْلَيْنِ غَيْرُ الْآخَرِ، لِأَنَّ الْفِعْلَ الْوَاقِعَ فِي يَوْمٍ غَيْرُ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِي يَوْمٍ آخَرَ، فَلَوْ شَهِدَا بِفِعْلٍ مُتَّحِدٍ فِي نَفْسِهِ كَإِتْلَافِ ثَوْبٍ وَقَتْلِ زَيْدٍ، أَوْ بِاتِّفَاقِهِمَا كَغَصْبٍ وَسَرِقَةٍ، وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ أَوْ مَكَانِهِ أَوْ صِفَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ، كَلَوْثٍ وَآلَةِ قَتْلٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِ الْفِعْلَيْنِ، لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَفِي الْمُحَرَّرِ: هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا لِلتَّنَافِي.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُوجَبَ الْقَطْعُ وَالْقَوَدُ، وَقِيلَ: بَلْ يَحْلِفُ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ، وَيَأْخُذُ مَا شَهِدَ بِهِ مِنْ مَالٍ، وَقِيلَ: لَا حَدَّ بِحَالٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَعَدُّدُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ بِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute