للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ أَمْسِ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ الْيَوْمَ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ دَارَهُ أَمْسِ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ إِيَّاهَا الْيَوْمَ، كَمُلَتِ الْبَيِّنَةُ وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ وَكَذَلِكَ كُلُّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مُتَّحِدٌ، فَبِكُلِّ شَيْءٍ شَاهِدٌ فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ بَدَّلَ شَاهِدٌ بَيِّنَةً ثَبَتَا هُنَا إِنِ ادَّعَاهُمَا، وَإِلَّا مَا ادَّعَاهُ وَتَعَارَضَتَا فِي الْأُولَى.

قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ فِيهِ؛ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ.

فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْفِعْلِ، وَآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، جُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ؛ لِقِصَّةِ الْوَلِيدِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ، وَلَوْ شَهِدَا فِي وَقْتَيْنِ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ، أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى الْفِعْلِ وَآخَرَانِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، لَمْ يُجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي الْأَشْهَرِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا أَقَرَّ بِهِ غَيْرَ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدَانِ، وَهَذَا يَبْطُلُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى إِقْرَارَيْنِ، مَسْأَلَةٌ: إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ عَمْدًا أَوْ قَتَلَهُ عَمْدًا، وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ أَوْ قَتَلَهُ وَسَكَتَ، ثَبَتَ الْقَتْلُ وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي صِفَتِهِ، (وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ أَمْسِ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ الْيَوْمَ) لِأَنَّهُمَا ـ وَإِنْ كَانَا إِقْرَارَيْنِ ـ فُهُمَا إِقْرَارٌ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا فِي الرِّعَايَةِ مَعَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ عَلَى الْقَوْلِ (أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ دَارَهُ أَمْسِ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ إِيَّاهَا الْيَوْمَ، كَمُلَتِ الْبَيِّنَةُ وَثَبَتَ الْبَيْعُ) ، لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ يَجُوزُ أَنْ يُعَادَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَلَمْ يُؤَثِّرْ، كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْآخَرُ بِالْفَارِسِيَّةِ، (وَالْإِقْرَارُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، (وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهَادَةٍ عَلَى الْقَوْلِ) .

وَكَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَا وَقْتًا أَوْ مَكَانًا؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَاحِدٌ، كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ أَوْ مَوْضِعِهِ أَوِ اللُّغَةِ الْمُقِرِّ بِهَا.

وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: أَنَّهُمَا إِذَا اخْتَلَفَا وَقْتًا أَوْ مَكَانًا لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكَافِي فِي الْإِقْرَارِ خِلَافًا أَنَّ الشَّهَادَةَ تَكْمُلُ فِيهِ، وَذَكَرَ فِي غَيْرِهِ احْتِمَالَيْنِ (إِلَّا النِّكَاحَ إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَمْسِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ، لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ) لِأَنَّ اخْتِلَافَ الشُّهُودِ فِي الْوَقْتِ يَمْنَعُ مِنْ كَمَالِ الْبَيِّنَةِ وَمِنْ ثُبُوتِهِ، أَمَّا أَوَّلًا: فَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْكَامِلَةَ يَثْبُتُ مُوجِبُهَا ـ كَمَا تَقَدَّمَ ـ وَالْبَيِّنَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا يَثْبُتُ مُوجِبُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>