وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ قرضه أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَضَاهُ نِصْفَهُ، صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لِي بِخَمْسِمِائَةٍ، لَمْ يَجُزْ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَجُوزُ.
بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
وَهِيَ سِتَّةٌ: أَحَدُهَا: الْبُلُوغُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِقْرَارٌ بِغَلَطِ نَفْسِهِ (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ قَرَضَهُ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ نِصْفَهُ، صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ الْوَفَاءَ لَا يُنَافِي الْقَرْضَ، وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ كَالَّتِي قَبْلَهَا، وَيَتَخَرَّجُ فِيهِمَا أَنْ لَا يَثْبُتَ بِشَهَادَتِهِمَا سِوَى الْخَمْسِمِائَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْتَاجُ قَضَاءُ الْخَمْسِمِائَةِ إِلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ (وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لِي بِخَمْسِمِائَةٍ، لَمْ يَجُزْ) إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ لَمْ يُوَلِّ الْحُكْمَ فَوْقَهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَدَّمَهُ أَئِمَّةُ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: ١٠٨] ، وَلِأَنَّهُ لَوْ سَاغَ لَهُ ذَلِكَ، لَسَاغَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِبَعْضِ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْأَلْفِ، وَالْقَاضِي يَحْكُمُ بِالْقَدْرِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ الْحُكْمُ فِيهِ، وَذَكَرَهُ نَصًّا (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَجُوزُ) لِأَنَّ مَالِكَ الشَّيء مَالِكٌ لِبَعْضِهِ، فَمَنْ شَهِدَ بِأَلْفٍ فَقَدْ شَهِدَ بِخَمْسِمِائَةٍ.
فَائِدَةٌ: إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ فِي مَحْفِلٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ، قُبِلَ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى خَطِيبٍ أَنَّهُ قَالَ أَوْ فَعَلَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْخُطْبَةِ شَيْئًا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ غَيْرُهُمَا، مَعَ الْمُشَارَكَةِ فِي سَمْعٍ وَبَصَرٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ: إِذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ مَعَ مُشَارَكَةِ خَلْقٍ كَثِيرٍ، رُدَّ.
[بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ]
[الْبُلُوغُ]
(وَهِيَ سِتَّةٌ) عَلَى الْمَذْهَبِ (أَحَدُهَا: الْبُلُوغُ) لِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ كَالصَّبِيِّ (فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ) ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَالسَّامَرِّيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ رِجَالِنَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute