عِنْدِي. وَإِنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: أَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا. لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ إِلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ يَشْهَدُ بِحَقٍّ يَعْزُوهُ إِلَى سَبَبٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ قَرْضٍ، فَهَلْ يَشْهَدُ بِهِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: أَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا. لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ) مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ وَلَا شَهَادَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ لَمْ يَسْتَرْعِهِ الشَّهَادَةَ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ وَعْدٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالشَّهَادَةِ الْعِلْمَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ مَعَ الِاحْتِمَالِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا اسْتَرْعَاهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَرْعِيهِ إِلَّا عَلَى وَاجِبٍ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ. جَازَ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ، فَكَذَا هَذَا.
قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الشَّهَادَةَ تَحْتَمِلُ الْعِلْمَ وَلَا تَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ ; لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْسَعُ فِي لُزُومِهِ مِنَ الشَّهَادَةِ، بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ فِي الْمَجْهُولِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ الْعَدَدُ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَيْهَا.
فَلَوْ قَالَ: أَشْهَدَنِي فُلَانٌ بِكَذَا، أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ عَلَيْهِ بِكَذَا، أَوْ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا، أَوْ شَهِدْتُ، أَوْ أَقَرَّ عِنْدِي بِهِ، فَوَجْهَانِ:
أَقْوَاهُمَا: الْمَنْعُ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. (إِلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ يَشْهَدُ بِحَقٍّ يَعْزُوهُ إِلَى سَبَبٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ قَرْضٍ، فَهَلْ يَشْهَدُ بِهِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ:
إِحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ. نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَالثَّانِيَةُ: الْجَوَازُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ: إنَّهُ الْأَشْهَرُ ; لِأَنَّهُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَنِسْبَتُهُ الْحَقَّ إِلَى سَبَبِهِ يَزُولُ الِاحْتِمَالُ، أَشْبَهُ مَا لَوِ اسْتَرْعَاهُ. وَيُؤَدِّيهَا الْفَرْعُ بِصِفَةِ تَحَمُّلِهِ. ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ.
قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ: وَإِلَّا لَمْ يُحْكَمْ بِهَا.
وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: أَنَّهُ يَكْفِي الْعَارِفَ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَا شَاهِدَيِ الْأَصْلِ وَيُسَمِّيَاهُمَا.
تَنْبِيهٌ: إِذَا سَمِعَهُ خَارِجَ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ يَقُولُ: عِنْدِي شَهَادَةٌ لِزَيْدٍ أَوْ أَشْهَدُ بِكَذَا. لَمْ يَصِرْ فَرْعًا. فَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَعُزِلَ، فَهَلْ يَصِيرُ الْحَاكِمُ الْمَعْزُولُ فَرْعًا عَلَى الشَّاهِدِ؛ قَالَ ابْنُ حِمْدَانَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
[تَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ]
(وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ