فَصْلٌ الثَّانِي: انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ، فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ، أَوْ جَارِيَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
«إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ» . رواه مسلم ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إِيلَاجًا، أَشْبَهَ الْمُبَاشَرَةَ دُونَ الْفَرْجِ، وَعَلَيْهِمَا التَّعْزِيرُ، لِأَنَّهُ زِنًى لَا حَدَّ فِيهِ، أَشْبَهَ مُبَاشَرَةَ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيَّةَ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَكَذَا لَوْ جَامَعَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ بِذَكَرِهِ، أَوْ جُومِعَ فِي قُبُلِهِ فَلَا حَدَّ.
فَرْعٌ: إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُقَبِّلُ الْآخَرَ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَطِئَهَا فَلَا حَدَّ، فَإِنْ قَالَا: نَحْنُ زَوْجَانِ قُبِلَ قَوْلُهُمَا، فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ شُهِدَ عَلَيْهِمَا بِالزِّنَا، فَقَالَا: نَحْنُ زَوْجَانِ، فَقِيلَ: عَلَيْهِمَا الْحَدُّ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ بِالنِّكَاحِ، وَقِيلَ: لَا إِذَا لَمْ يُعْلَمُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ، كَمَا لَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، فَادَّعَى أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِلْكُهُ.
[الشَّرْطُ الثَّانِي انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ]
فَصْلٌ
(الثَّانِي: انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبَهَاتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ) فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، لِأَنَّهُ وَطْءٌ تَمَكَّنَتِ الشُّبْهَةُ فِيهِ كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» أَضَافَ مَالَ وَلَدِهِ إِلَيْهِ وَجَعَلَهُ لَهُ، فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ جَعْلِهِ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ الَّذِي يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ وَطِئَ أَمَةَ وَلَدِهِ وَلَمْ يَنْوِ تَمَلُّكَهَا بِهِ، وَلَمْ يَكُنِ ابْنُهُ وَطِئَهَا، وَقِيلَ: أَوْ كَانَ، عُزِّرَ فِي الْأَشْهَرِ بِمِائَةِ سَوْطٍ، وَقِيلَ: إِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ مَلَكَهَا، وَإِلَّا عُزِّرَ، وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ وَطِئَهَا حُدَّ الْأَبُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ (أَوْ جَارِيَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ) فَكَذَلِكَ، لِأَنَّهُ فَرْجٌ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ، أَشْبَهَ الْمُكَاتَبَةَ وَالْمَرْهُونَةَ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute