للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ السَّادِسُ: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ كَالَّذِي يُفْقَدُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ، أَوْ فِي مَفَازَةٍ، أَوْ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إِذَا قُتِلَ قَوْمٌ، أَوْ مَنْ غَرِقَ مَرْكَبُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ. وَهَلْ يُفْتَقَرُ إِلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إِلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِي أَمَةٍ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لِعَارِضٍ تَسْتَبْرِئُ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ وَشَهْرٍ لِلْحَيْضِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِنْ عَلِمَتْ عَدَدَهُ فَكَآيِسَةٍ وَإِلَّا سَنَةً.

[السَّادِسُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ]

فَصْلٌ (السَّادِسُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ) حُرَّةً كَانَتْ، أَوْ أَمَةً (الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ كَالَّذِي يُفْقَدُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا (أَوْ فِي مَفَازَةٍ) مُهْلِكَةٍ كَبَرِّيَّةِ الْحِجَازِ (أَوْ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إِذَا قُتِلَ قَوْمٌ، أَوْ مَنْ غَرِقَ مَرْكَبُهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالَّذِي يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَرْجِعُ، أَوْ يَمْضِي إِلَى مَكَانٍ قَرِيبٍ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ، وَلَا يَظْهَرُ لَهُ خَبَرٌ، (فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ) أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ، (ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ، وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا فُقِدَ، فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عُمَرَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: تَرَبَّصِي أَرْبَعَ سِنِينَ فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَتَتْهُ، فَقَالَ: تَرَبَّصِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَتَتْهُ، فَقَالَ: أَيْنَ وَلِيُّ هَذَا الرَّجُلِ؛ فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: طَلِّقْهَا، فَفَعَلَ، فَقَالَ عُمَرُ: تَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَالْجُوزْجَانِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَحْسَنُهَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ مِنْ ثَمَانِيَةِ وُجُوهٍ، ثُمَّ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ عَنْ هَذَا، هَؤُلَاءِ الْكَذَّابِينَ، وَقَالَ مَنْ تَرَكَ هَذَا، أَيُّ شَيْءٍ يَقُولُ؛ هُوَ عَنْ خَمْسَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ: كُنْتُ أَقُولُ ذَلِكَ، وَقَدِ ارْتَبْتُ فِيهِ الْيَوْمَ وَهِبْتُ الْجَوَابَ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَكَأَنِّي أُحِبُّ السَّلَامَةَ، قَالَ أَصْحَابُنَا: هَذَا تَوَقُّفٌ يُحْتَمَلُ الرُّجُوعُ عَمَّا قَالَهُ أَوَّلًا وَتَكُونُ زَوْجَتُهُ حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ، أَوْ يَمْضِيَ زَمَنٌ لَا يَعِيشُ فِي مِثْلِهِ، وَيُحْتَمَلُ التَّوَرُّعُ عَمَّا قَالَهُ أَوَّلًا. قَالَ الْقَاضِي: أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَعِنْدِي أَنَّهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ صَحَّ الِاخْتِلَافُ أَلَّا يَحْكُمَ بِحُكْمٍ ثَانٍ إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى الِانْتِقَالِ، وَإِنَّ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ، فَالْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَا يَحِلُّ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةٌ لَا يَعِيشُ فِي مِثْلِهَا غَالِبًا، قَدَّمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>