الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ، وَرَآنِي لِذَلِكَ أَهْلًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ دَعَوْتَ إِلَى حَجِّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ، وَقَدْ جِئْتُكَ لِذَلِكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي، وَاعْفُ عَنِّي، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنَيْ كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ.
ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ إِنَّ كَانَ مُعْتَمِرًا، أَوْ طَوَافِ الْقُدُومِ إِنْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارَنًا، وَيَضْطَبِعُ بِرِدَائِهِ فَيَجْعَلُ وَسَطَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ، وَرَآنِي لِذَلِكَ أَهْلًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اللَّهُمَّ إِنَّكَ دَعَوْتَ إِلَى حَجِّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ» سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ انْتَشَرَتْ، وَأُرِيدَ بِتَحْرِيمِ الْبَيْتِ سَائِرُ الْحَرَمِ، قَالَهُ الْعُلَمَاءُ، «وَقَدْ جِئْتُكَ لِذَلِكَ اللَّهُمَّ تَقَبُّلَ مِنِّي، وَاعْفُ عَنِّي، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنَيْ كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» ذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ، وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " كَالْمُقْنِعِ، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَدَعَا وَقَالَ: وَمِنْهُ وَلَمْ يَذْكِرِ الْأَخِيرَ، وَمَهْمَا زَادَ مِنَ الدُّعَاءِ فَحَسَنٌ (يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ فَاسْتُحِبَّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ كَالتَّلْبِيَةِ، وَحَكَاهُ فِي " الْفُرُوعِ " قَوْلًا.
[أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ عند زيارة البيت الطَوَاف]
(ثُمَّ يَبْتَدِئُ) بِالطَّوَافِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ إِنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِحَدِيثِ جَابِرٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ، وَلِأَنَّهُ تَحِيَّةٌ، فَاسْتُحِبَّ كَتَحِيَّةِ غَيْرِهِ بِالرَّكْعَتَيْنِ، وَمَحَلُّهُ: مَا لَمْ يَذْكُرْ صَلَاةَ فَرْضٍ أَوْ فَائِتَةٍ، أَوْ تُقَامُ الْمَكْتُوبَةُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهَا عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَتِيِ الْفَجْرِ أَوِ الْوَتْرِ، أَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ (بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ إِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا) ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَمَرَهُمْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِفَسْخِ نُسُكِهِمْ إِلَيْهَا أَمْرَهُمْ أَنْ يَطُوفُوا لِلْعُمْرَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْحِلِّ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى طَوَافِ قُدُومٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّحِيَّةُ، وَقَدْ حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ (أَوْ طَوَافُ الْقُدُومِ) وَيُسَمَّى الْوُرُودَ (إِنْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا) لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ كَانُوا كَذَلِكَ، لَكِنْ ذُكِرَ فِي " الْفُصُولِ " وَ " التَّرْغِيبِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ. نَقَلَ حَنْبَلٌ: يُرَى لِمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ أَنْ يَطُوفَ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ، وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَهِيَ بَعْدَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٌ: الطَّوَافُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute