بَابُ الْعَصَبَاتِ وَهُمْ عَشَرَةٌ: الِابْنُ، وَابْنُهُ، وَالْأَبُ، وَأَبُوهُ، وَالْأَخُ، وَابْنُهُ إِلَّا مِنَ الْأُمِّ، وَالْعَمُّ، وَابْنُهُ كَذَلِكَ، وَمَوْلَى النِّعْمَةِ، وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ، وَيَسْقُطُ بِهِ مَنْ بَعُدَ، وَأَقْرَبُهُمُ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ لَا حَاجِبَ لَهُمْ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْإِرْثِ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ لَا يَسْقُطُ إِرْثُهُ بِحَالٍ.
[بَابُ الْعَصَبَاتِ]
وَهُوَ جَمْعُ عَصَبَةٍ، مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَصَبِ، وَهُوَ الْمَنْعُ، سُمِّيَتِ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ؛ لِتَقَوِّي بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِحَيْثُ يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَنَعَةٌ بِالْآخَرِ، وَقِيلَ: الْعَصَبَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعِصَابَةِ، وَهِيَ الْعِمَامَةُ؛ لِأَنَّهَا تُحِيطُ بِجَمِيعِ الرَّأْسِ، كَذَلِكَ الْعَصَبَةُ يُحِيطُونَ بِالْمَيِّتِ مِنَ الْجَوَانِبِ كُلِّهَا، وَقِيلَ: أَصْلُهَا الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ، وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَهُ عَلَى الْقُوَّةِ وَالْمُدَافَعَةِ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ: هُوَ الْوَارِثُ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ، أَوْ مَنْ يُحْرِزُ الْمَالَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ كَالْمُعْتَقِ، وَكُلُّ ذَكَرٍ بِسَبَبٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أُنْثَى كَالِابْنِ، وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ كَالْبِنْتِ، وَبِنْتِ الِابْنِ، وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ، وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ، كَلٌّ بِأَخِيهَا، وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ كَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ.
(وَهُمْ عَشَرَةٌ: الِابْنُ، وَابْنُهُ، وَالْأَبُ، وَأَبُوهُ، وَالْأَخُ، وَابْنُهُ إِلَّا مِنَ الْأُمِّ) لِأَنَّ الْأَخَ مِنَ الْأُمِّ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَابْنُ الْأَخِ مِنَ الْأُمِّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَالْعَمُّ وَابْنُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَوِ الْأَبِ، وَأَمَّا الْعَمُّ مِنَ الْأُمِّ، وَابْنُ الْعَمِّ مِنَ الْأُمِّ، فَلَيْسَا عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، (وَمَوْلَى النِّعْمَةِ) ، أَيِ: الْمُعْتِقُ (وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ) أَيِ: الْمُعْتِقَةُ (وَأَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ وَيَسْقُطُ بِهِ) أَيْ: بِالْأَقْرَبِ (مَنْ بَعُدَ) وَهَذَا ظَاهِرٌ (وَأَقْرَبُهُمُ الِابْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] وَالْعَرَبُ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ، إِذِ الْفَرْعُ أَقْرَبُ مِنَ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ جُزْءُ الْمَيِّتِ، وَجُزْءُ الشَّيْءِ أَقْرَبُ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، وَاعْتُبِرَ بِالْجُزْءِ الْمُتَّصِلِ، فَإِنَّ إِصْبَعَكَ جُزْؤُكَ الْمُتَّصِلُ، فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ أَصْلِكَ بِالْجِنْسِ فَكَذَلِكَ جُزْؤُكَ الْمُنْفَصِلُ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ وَالْمُنْفَصِلَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمَا جُزْءٌ وَاحِدٌ لَا فَرْقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute