تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَالْمُحرِمَةُ حَتَّى تَحِلَّ.
وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ نِكَاحُ كَافِرٍ بِحَالٍ، وَلَا لِمُسْلِمٍ نِكَاحُ كَافِرَةٍ إِلَّا حَرَائِرَ أَهْلِ الْكِتَابِ. فَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهَا غَيْرَ كِتَابِيٍّ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: الْوَطْءُ، فَدَلَّ أَنَّهَا إِذَا نَكَحَتْ غَيْرَهُ حَلَّتْ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ غَايَةً لِتَحْرِيمِهَا، وَحِلُّهَا مَوْقُوفٌ عَلَى طَلَاقِ الثَّانِي وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ (وَالْمُحَرَّمَةُ حَتَّى تَحِلَّ) ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ ; وَلِأَنَّهُ عَارِضٌ مَنَعَ الطِّيبَ، فَمَنَعَ النِّكَاحَ كَالْمُعْتَدَّةِ.
[لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ نِكَاحُ كَافِرٍ وَلَا لِمُسْلِمٍ نِكَاحُ كَافِرَةٍ]
(وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ نِكَاحُ كَافِرٍ بِحَالٍ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا (وَلَا لِمُسْلِمٍ نِكَاحُ كَافِرَةٍ) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١] وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ عَبْدًا، وصَرَّحَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ "، وَلَا نِكَاحُ مُرْتَدَّةٍ وَإِنْ تَدَيَّنَتْ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ ; لِأَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَى دِينِهَا، وَلَا مَجُوسِيَّةٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا كِتَابٌ (إِلَّا حَرَائِرَ أَهْلِ الْكِتَابِ) فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: ٥] ; وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ، لَا يُقَالُ: مَا تَقَدَّمَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إِبَاحَتِهِنَّ لِشِرْكِهِنَّ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: آيَةُ الْمَائِدَةِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُمَا ; لِأَنَّ لَفْظَ الْمُشْرِكِينَ لَا يَتَنَاوَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: ١] وَنَصَّ عَلَى الْحَرَائِرِ ; لِأَنَّ الْإِمَاءَ يَأْتِي حُكْمُهُنَّ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَكَرِهَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، كَقَوْلِ أَكْثَرِهِمْ كَذَبَائِحِهِمْ بِلَا حَاجَةٍ، وَشَمَلَ الْحَرْبِيَّاتِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " و" الْفُرُوعِ " ; لِدُخُولِهِنَّ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ ; حَمْلًا لِآيَةِ الْمَنْعِ عَلَى ذَلِكَ، وَآيَةُ الْجَوَازِ عَلَى غَيْرِ الْحَرْبِيَّاتِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ، وَإِنِ اضْطُرَّ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَعَ الضَّرُورَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute