مِنْهُ، وَالْمُسْتَبْرِئَةُ مِنْهُ، وَتَحْرُمُ الزَّانِيَةُ حَتَّى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَمُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا حَتَّى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْغَيْرِ (فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ زَوْجَةِ غَيْرِهِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ (وَالْمُعْتَدَّةُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ غَيْرِهِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٥] (وَالْمُسْتَبْرِئَةُ مِنْهُ) ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ ; وَلِأَنَّ إِبَاحَةَ نِكَاحِهَا يُفْضِي إِلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ، وَهُوَ مَحْذُورٌ مَطْلُوبُ الْعَدَمِ.
(وَتَحْرُمُ الزَّانِيَةُ حَتَّى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) نَصَّ عَلَيْهِمَا ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: ٣] ; وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَحَرُمَتْ كَالْمُعْتَدَّةِ، وَيُشْتَرَطُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، أَمَّا عَلَى الزَّانِي، فَلِأَنَّ وَلَدَهَا لَا يَلْحَقُ بِهِ، فَيُفْضِي نِكَاحُهُ بِهَا إِلَى اشْتِبَاهِ مَنْ لَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِأَحَدٍ مِمَّنْ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ ; فَلِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ إِذَا حَمَلَتْ مِنَ الزِّنَا فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَسْقِي مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ; وَلِأَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ غَيْرِهِ، أَشْبَهَ سَائِرَ الْحَوَامِلِ، وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ نِكَاحُهَا كَمَا لَوْ لَمْ تَحْمِلْ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ، وَيَحْرُمُ النِّكَاحُ فِيهَا ; لِاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ، وَتُشْتَرَطُ التَّوْبَةُ مِنْهُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣] وَهِيَ قَبْلَ التَّوْبَةِ فِي حُكْمِ الزِّنَا، فَإِذَا تَابَتْ زَالَ ذَلِكَ، وَتَوْبَتُهَا كَغَيْرِهَا، صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَنَصُّهُ: الِامْتِنَاعُ مِنَ الزِّنَا بَعْدَ الدَّعَايَةِ إِلَيْهِ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَظَاهِرُهُ: لَا تُشْتَرَطُ التَّوْبَةُ مِنَ الزَّانِي، وَعَنْهُ: بَلَى إِنْ نَكَحَهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنِ الْأَصْحَابِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا إِذَا تَابَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، حَلَّتْ لِلزَّانِي وَغَيْرِهِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ.
فَائِدَةٌ: إِذَا زَنَتِ امْرَأَةُ رَجُلٍ، أَوْ زَنَى زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ - لَمْ يَنْفَسِخِ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ، وَعَنْ جَابِرٍ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ، وَعَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ، وَلَنَا أَنَّ دَعْوَاهُ الزِّنَا عَلَيْهَا لَا يُبَيِّنُهَا، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ يَنْفَسِخُ بِهِ لَانْفَسَخَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ كَالرَّضَاعِ ; وَلِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ أَشْبَهَتِ السَّرِقَةَ، وَلَكِنِ اسْتَحَبَّ أَحْمَدُ مُفَارَقَتَهَا إِذَا زَنَتْ، وَقَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُمْسِكَ مِثْلَ هَذِهِ، وَلَا يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَالْأَوْلَى بِحَيْضَةٍ (وَمُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute