أَوْ كَافِرًا، بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِ إِذْنِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا، إِلَّا مَا أَحْيَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ لِظَاهِرِ خَبَرِ عَائِشَةَ، وَلِأَنَّهَا فَيْءٌ، فَعَلَيْهَا لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ لِمَنْ شَاءَ، وَعَنْهُ: يَمْلِكُ بِهِ، عَمَلًا بِعُمُومِ أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ، وَعَنْهُ: يَمْلِكُ مَعَ الشَّكِّ فِي سَابِقِ الْعِصْمَةِ دُونَ الْمُتَيَقِّنِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى قَدْ وُجِدَ، وَشُكَّ فِي الْمَانِعِ، اخْتَارَهُ فِي " التَّلْخِيصِ "، وَاسْتَثْنَى فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " مِنْ هَذَا مَا بِهِ آثَارُ مِلْكٍ قَدِيمٍ جَاهِلِيٍّ كَآثَارِ الرُّومِ، وَمَسَاكِنِ ثَمُودَ، وَنَحْوِهِمْ، فَإِنْهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ فِي الْأَظْهَرِ لِمَا رَوَى طَاوُسٌ مَرْفُوعًا قَالَ: «عَادِيُّ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدُ لَكُمْ» ، رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي " الْأَمْوَالِ ".
مَسْأَلَةٌ: نَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ فِي أَرْضٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ، لَيْسَ فِيهَا مَزَارِعُ، وَلَا عُيُونٌ وَأَنْهَارٌ، وَتَزْعُمُ كُلُّ قَرْيَةٍ أَنَّهَا لَهُمْ، فَإِنْهَا لَيْسَتْ لِهَؤُلَاءِ، وَلَا لِهَؤُلَاءِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُمْ أَحْيَوْهَا، فَمَنْ أَحْيَاهَا فَلَهُ، وَمَعْنَاهُ نَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ.
[مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ]
(وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ) أَيْ لِلْمُحْيِي لِلْأَخْبَارِ (مُسْلِمًا كَانَ) اتِّفَاقًا، سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَوْ لَا، لَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِفِعْلِهِ كَالِاصْطِيَادِ (أَوْ كَافِرًا) أَيْ: ذِمِّيًّا فِي الْمَنْصُوصِ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِلْعُمُومِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَمْلِكُ الذِّمِّيُّ بِالْإِحْيَاءِ، وَحَمَلَ أَبُو الْخَطَّابِ قَوْلَهُ عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَوَتَانُ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ» وَجَوَابُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ أَنَّهَا لَكُمْ، أَيْ: لِأَهْلِ دَارِكُمْ، وَالذِّمِّيُّ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا، فَعَلَى الْمَنْصُوصِ إِذَا أَحْيَا مَوَاتًا عَنْوَةً لَزِمَهُ عَنْهُ الْخَرَاجُ، وَإِنْ أَحْيَا غَيْرَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْأَشْهَرِ.
وَنَقَلَ عَنْهُ حَرْبٌ: عَلَيْهِ عُشْرُ ثَمَرِهِ، وَزَرْعُهُ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِ إِذْنِهِ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ مُسْتَدِلًّا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ مُبَاحَةٌ فَلَا يَفْتَقِرُ تَمَلُّكُهَا إِلَى إِذْنٍ كَأَخْذِ الْمُبَاحِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عُمُومَ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَحَكَاهُ فِي " الْوَاضِحِ " رِوَايَةً؛ لِأَنَّ لَهُ مُدْخَلًا فِي النَّظَرِ فِي ذَلِكَ (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ الْبِلَادِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، فُتِحْتَ عُنْوَةً كَأَرْضِ الشَّامِ، وَالْعِرَاقِ، وَمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْمَدِينَةِ، وَمَا صُولِحَ أَهْلُهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute