للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْضِ الْكُفَّارِ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيْهَا، وَمَا قَرُبَ مِنَ الْعَامِرِ وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ لَمْ يُمْلَكْ بِالْإِحْيَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِمَصَالِحِهِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَلَا تُمْلَكُ الْمَعَادِنُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَخَيْبَرَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَوَاتُ الْحَرَمِ وَعَرَفَاتٍ، وَعَنْهُ: لَيْسَ فِي أَرْضِ السَّوَادِ مَوَاتٌ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا لِجَمَاعَةٍ، فَلَا يُخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمْ، وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى الْعَامِّ، وَأَنَّ أَحْمَدَ قَالَهُ حِينَ كَانَ السَّوَادُ عَامِرًا فِي زَمَنِ عُمَرَ (إِلَّا مَا أَحْيَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَرْضِ الْكُفَّارِ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيْهَا) أَيْ: لَا يَمْلِكُ مُسْلِمٌ بِالْإِحْيَاءِ مَوَاتَ بَلْدَةِ كُفَّارٍ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ، وَلَنَا خَرَاجُهَا؛ لِأَنَّهُمْ صُولِحُوا فِي بِلَادِهِمْ فَلَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَوَاتَ تَابِعٌ لِلْبَلَدِ، وَيُفَارِقُ دَارَ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، وَقِيلَ: يَمْلِكُ بِهِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّهَا مِنْ مُبَاحَاتِ دَارِهِمْ، فَمَلَكَ بِهِ كَالْمُبَاحِ.

(وَمَا قَرُبَ مِنَ الْعَامِرِ وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ) كَطُرُقِهِ، وَفِنَائِهِ، وَمَسِيلِ مَائِهِ، وَمَرْعَاهُ، وَمُحْتَطَبِهِ، وَحَرِيمِهِ (لَمْ يَمْلِكْ بِالْإِحْيَاءِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ» ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الْمِلْكِ فَأُعْطِيَ حُكْمُهُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ مَنَافِعَ الْمَرَافِقِ لَا يَمْلِكُهَا الْمُحْيِي بِالْإِحْيَاءِ، لَكِنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَقْطَعُهُ إِمَامٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ (وَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِمَصَالِحِهِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَنَصُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ لِلْعُمُومِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَهُوَ التَّعَلُّقُ بِمَصَالِحِ الْعَامِرِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَمْلِكُ بِهِ تَنْزِيلًا لِلضَّرَرِ فِي الْمَآلِ مَنْزِلَةَ الضَّرَرِ فِي الْحَالِ، إِذْ هُوَ بِصَدَدِ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ فِي الْمَآلِ، وَالْأُولَى أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ» ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ عِمَارَةِ الْمَدِينَةِ، وَلِأَنَّهُ مَوَاتٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ مَصْلَحَةٌ، فَجَازَ إِحْيَاؤُهُ كَالْبَعِيدِ، وَالْمَرْجِعُ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ إِلَى الْعُرْفِ، وَعَلَيْهَا لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ.

فَائِدَةٌ: إِذَا وَقَعَ فِي الطَّرِيقِ نِزَاعٌ وَقْتَ الْإِحْيَاءِ، فَلَهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ لِلْخَبَرِ، وَلَا تُغَيَّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>