فصل
الرَّابِعُ: شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَكْتَسِبَانِ بِأَبْدَانِهِمَا، فَهِيَ شَرِكَةٌ صَحِيحَةٌ، وَمَا يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْعَمَلِ يَصِيرُ فِي ضَمَانِهِمَا، يُطَالَبَانِ بِهِ وَيَلْزَمُهُمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَفِي إِقْرَارِهِمَا وَخُصُومَتِهِمَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ، وَهَلْ مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا بَيْنَهُمَا أَمْ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ كَوَكَالَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ فِي عِنَانٍ مِثْلِهِ، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ النِّيَّةَ.
فَرْعٌ: إِذَا قَضَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ دَيْنَهُ ثُمَّ اتَّجَرَ بِوَجْهِهِ، وَأَعْطَى رَبَّ الْمَالِ نِصْفَ الرِّبْحِ، فَنَقَلَ صَالِحٌ: " أَمَّا الرِّبْحُ فَأَرْجُو إِذَا كَانَ مُتَفَضِّلًا عَلَيْهِ.
[الضَّرْبُ الرَّابِعُ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ]
فَصْلٌ (الرَّابِعُ: شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ) وَبَدَأَ بِهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " (وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا) أَيِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (فِيمَا يَكْتَسِبَانِ بِأَبْدَانِهِمَا) أَيْ يَشْتَرِكُونَ فِيمَا يَكْتَسِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ، وَصَنَائِعِهِمْ، فَمَا رَزَقَ اللَّهُ فَهُوَ بَيْنَهُمْ، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَقَبَّلَانِ فِي ذِمَمِهِمَا مِنْ عَمَلٍ (فَهِيَ شَرِكَةٌ صَحِيحَةٌ) نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَسَعْدٌ وَعَمَّارٌ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ، وَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ، وَمِثْلُهُ لَا يَخْفَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ أَقَرَّهُمْ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَشْرَكَ بَيْنَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنْ قُلْتَ: الْمَغَانِمُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فَكَيْفَ يَصِحُّ اخْتِصَاصُ هَؤُلَاءِ بِالشَّرِكَةِ فِيهَا.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: غَنَائِمُ بَدْرٍ كَانَتْ لِمَنْ أَخْذَهَا قَبْلَ أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَهُمْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ: «مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» ، فَكَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحَاتِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُرِكَ بَيْنَهُمْ فِيمَا يُصِيبُونَهُ مِنَ الْأَسْلَابِ وَالنَّفْلِ، وَبِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا جَعَلَ الْغَنِيمَةَ لِنَبِيِّهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْغَنَائِمِ، فَانْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال: ١] الْآيَةَ، وَالشَّرِكَةُ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَاهُ، نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَمَا يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْعَمَلِ يَصِيرُ فِي ضَمَانِهِمَا يُطَالَبَانِ بِهِ وَيَلْزَمُهُمَا عَمَلُهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute