للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلُهُ، فَهَلْ تَصِحُّ مَعَ اخْتِلَافِ الصَّنَائِعِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَتَصِحُّ فِي الِاحْتِشَاشِ، وَالِاصْطِيَادِ، وَالتَّلَصُّصِ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ، فَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ طَالَبَهُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِنِ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِأَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ.

وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ عَنِ الْقَاضِي احْتِمَالًا: لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ كَالْوَكِيلَيْنِ (فَهَلْ تَصِحُّ مَعَ اخْتِلَافِ الصَّنَائِعِ؟) كَقَصَّارٍ مَعَ خَيَّاطٍ (عَلَى وَجْهَيْنِ) الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي تَكَسُّبٍ مُبَاحٍ فَصَحَّ كَمَا لَوِ اتَّفَقَتِ الصَّنَائِعُ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ; لَأَنَّ مُقْتَضَاهَا أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَمَلِ يَلْزَمُهُمَا، وَيُطَالَبَانِ بِهِ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ مَعَ اخْتِلَافِ صَنَائِعِهِمَا ; لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ تَحْصِيلَ ذَلِكَ يُمْكِنُهُ بِالْأُجْرَةِ، أَوْ بِمَنْ يَتَبَرَّعُ لَهُ بِعَمَلِهِ.

تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ مَحَلُّ عَمَلِهِمَا، وَلَا تَسَاوِيهِمَا فِيهِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ دَفْعُهَا إِلَى أَحَدِهِمَا، وَمَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ فَرَّطَ أَوْ تَعَدَّى ضَمِنَ فَقَطْ، فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِمَا فِي يَدِهِ قُبِلَ عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ ; لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِ شَرِيكِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ.

(وَتَصِحُّ فِي الِاحْتِشَاشِ) لِأَنَّهُ اشْتَرَاكٌ فِي مَكْسَبٍ مُبَاحٍ كَالْقِصَارَةِ (وَالِاصْطِيَادِ، وَالتَّلَصُّصِ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ) كَالْحَطَبِ وَالثِّمَارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْجِبَالِ، وَالْمَعَادِنِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِيهِنَّ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْغَنِيمَةِ، فَقَالَ: يَشْتَرِكَانِ فِيمَا يُصِيبَانِ مِنْ سَلَبِ الْمَقْتُولِ ; لِأَنَّ الْقَاتِلَ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ الْغَانِمِينَ (فَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا) أَيْ إِذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ مَاهَانَ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَاحْتَجَّ لَهُ الْإِمَامُ بِحَدِيثِ سَعْدٍ، وَسَوَاءٌ تَرَكَ الْعَمَلَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِيهِ (فَإِنْ طَالَبَهُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا، فَإِذَا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ تَوْفِيَةً لِلْعَقْدِ مَا يَقْتَضِيهِ فَإِنِ امْتَنَعَ فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>