للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا لَمْ تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ وَوَقَفَتْ عِنْدَ بَابِهِ وَدَعَتْ.

وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِالْمَحَلِّ (وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ) وَأَيُّ شَيْءٍ دَعَا بِهِ فَحَسَنٌ (وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ حَيْثُ اقْتُرِنَ بِهَا (إِلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا لَمْ تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ) ؛ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ دُخُولِهِ، (وَوَقَفَتْ عِنْدَ بَابِهِ وَدَعَتْ) بِذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ إِذْ لَا مَحْذُورَ مِنْ ذَلِكَ، وَلِمُسَاوَاتِهَا الرَّجُلَ فِيهِ.

[اسْتِحْبَابُ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

(وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مِنْ حَجَّ فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي كَانَ كَمَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي» وَفِي رِوَايَةٍ وَصَحِبَنِي، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا، لَكِنْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ إِذَا حَجَّ لِلْفَرْضِ لَمْ يَمُرَّ بِالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ كَانَ فِي سَبِيلِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا بَدَأَ بِالْمَدِينَةِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» . وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ تَحْصُلُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا، لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي» فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُقْتَضَاهَا التَّخْصِيصُ، وَرُوِيَ عَنِ الْعُتْبِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ٦٤] وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذَنْبِي مُسْتَشْفِعًا بِكَ إِلَى رَبِّي.

ثُمَّ أَنْشَدَ يَقُولُ:

يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ ... فَطَابَ مَنْ طيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ

نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ ... فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>