للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْتُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِكَ حَتَّى بَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ لِي بَيْتَكَ، وَأَعَنْتَنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي، فَازْدَدْ عَلَيَّ رِضًا، وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ يَنْأَى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إِنْ أَذِنَتْ لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ، وَلَا بِبَيْتِكَ، وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ، وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي، وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي، وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي، وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَكَ مَا أَبْقَيْتَنِي، وَأَجْمِعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فِي الْمُلْتَزَمِ) وَذَرْعُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ (بَيْنَ الرُّكْنِ) وَهُوَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ، (وَالْبَابِ) أَيْ: بَابِ الْكَعْبَةِ، فَيَلْتَزِمُهُ، وَيُلْصِقُ بِهِ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ، وَجَمِيعَهُ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «طُفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا جَاءَ دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْتُ: أَلَا تَتَعَوَّذْ؛ قَالَ: نُعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، فَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا، وَبَسْطَهُمَا بَسْطًا، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَأْتِي الْحَطِيمَ، وَهُوَ تَحْتَ الْمِيزَابِ، فَيَدْعُو.

وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يَأْتِي زَمْزَمَ فَيَشْرَبُ مِنْهَا، وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَنْصَرِفُ. رَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ فَقَالَ فِي الْتِزَامِهِ: (اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُكَ وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِكَ حَتَّى بَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ إِلَى بَيْتِكَ، وَأَعَنْتَنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَلَيَّ رِضًا وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ) الْوَجْهُ فِيهِ ضَمُّ الْمِيمِ، وَتَشْدِيدُ النُّونِ عَلَى أَنَّهُ صِيغَةُ أَمْرٍ مِنْ مَنَّ: يَمُنُّ، وَيَجُوزُ فِيهِ كَسْرُ الْمِيمِ، وَفَتْحُ النُّونِ عَلَى أَنَّهَا حَرْفُ جَرٍّ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالْآنَ: الْوَقْتُ الْحَاضِرُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ (قَبْلَ أَنْ يَنْأَى) أَيْ: يَبْعُدُ (عَنْ بَيْتِكَ دَارِي فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إِنْ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ مُسْتَبْدَلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِكَ، وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ، وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي، وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي، وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي، وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَكَ مَا أَبْقَيْتَنِي، وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وَهَكَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَحَكَاهُ فِي " الشَّرْحِ " عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ لَائِقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>