للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَطُوفُ لِلزِّيَارَةِ، وَيُعَيِّنُهُ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ الَّذِي بِهِ تَمَامُ الْحَجِّ، وَأَوَّلُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَائِمٍ وَقَاعِدٍ، وَيَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ» قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " (يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا النَّحْرَ وَالْإِفَاضَةَ وَالرَّمْيَ) لِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ: «خَطَبْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى فَطَفِقَ يُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَا يَخْطُبُ يَوْمَئِذٍ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّهَا تُسَنُّ فِي الْيَوْمِ قَبْلَهُ فَلَا يُسَنُّ فِيهِ.

[الْإِفَاضَةُ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ]

(ثُمَّ يُفِيضُ إِلَى مَكَّةَ) «لِقَوْلِ عَائِشَةَ: حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ! قَالَ: اخْرُجُوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَيَطُوفُ لِلزِّيَارَةِ) هَكَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ مِنًى فَيَزُورُ الْبَيْتَ، وَلَا يُقِيمُ بِمَكَّةَ، بَلْ يَعُودُ إِلَى مِنًى، وَيُسَمَّى طَوَافَ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ عِنْدَ إِفَاضَتِهِ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ، وَيُسَمَّى: طَوَافَ الصَّدْرِ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَرُ إِلَيْهِ مِنْ مِنًى، وَقِيلَ: طَوَافُ الصَّدْرِ هُوَ طَوَافُ الْوَدَاعِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ إِذِ الصَّدْرُ رُجُوعُ الْمُسَافِرِ مِنْ مَقْصِدِهِ، (وَيُعَيِّنُهُ بِالنِّيَّةِ) لِخَبَرِ «الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ» ، وَلِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ (وَهُوَ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ الَّذِي بِهِ تَمَامُ الْحَجِّ) إِجْمَاعًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ، لِقَوْلِهِ {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] وَقَوْلِهِ: أَحَابِسَتُنَا؟ فَدَلَّ أَنَّ هَذَا الطَّوَافَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنَّهُ حَابِسٌ لِمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، وَوَصَفَهُ بِالتَّمَامِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ سِوَاهُ فَإِذَا أَتَى بِهِ حَصَلَ تَمَامُ الْحَجِّ.

لَا يُقَالُ: النَّصُّ الْوَارِدُ فِي عَرَفَةَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الطَّوَافُ، وَإِنَّ الْحَجَّ يَتِمُّ بِالْوُقُوفِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَبْقَ حَجُّهُ مُتَعَرِّضًا لِلْفَوَاتِ، وَالطَّوَافُ رَكَنٌ فِيهِ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ فَرَضِيَّتَهُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَا يَطُوفُ لِلْقُدُومِ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَطُوفُ لِلْقُدُومِ كَعُمْرَتِهِ بِلَا رَمَلٍ، ثُمَّ لِلزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ عند دُخُولُهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ قَبْلَ فِعْلِهِ الرُّجُوعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>