عَلَى رِوَايَتَيْنِ،
وَهَلْ يُعْتَدُّ بِأَذَانِ الْفَاسِقِ وَالْأَذَانِ الْمُلَحَّنِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ،
وَيُسْتَحَبُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَشْبَهَ مَا لَمْ يَجْمَعْ، وَأَمَّا قَضَاءُ الْفَوَائِتِ فَلِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ شَغَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ، حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُهُ لَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ إِلَّا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، وَقَيَّدَهُ فِي " الشَّرْحِ " بِمَا إِذَا كَانَ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ كَانَ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ أَدْنَى، لِأَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ لِلْإِعْلَامِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ هُنَا، وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ بِالِاكْتِفَاءِ لَهُنَّ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا أَذَّنَ، وَعَنْهُ: يُقِيمُ فِي غَيْرِ أَذَانٍ، وَكَذَا لَوْ قَضَاهَا مُتَفَرِّقَاتٍ مِنْ غَيْرِ مُوَالَاةٍ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ وَاحِدَةً فَيُؤَذِّنُ لَهَا وَيُقِيمُ، وَصَرَّحَ فِي " الْكَافِي " أَنَّهُ يُسَنُّ الْأَذَانُ لِلْفَائِتَةِ، ثُمَّ إِنْ خَافَ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهِ بِهِ أَسَرَّ، وَإِلَّا جَهَرَ، فَلَوْ تَرَكَ الْأَذَانَ لَهَا فَلَا بَأْسَ.
[أَذَانُ الْمُمَيِّزِ]
(وَهَلْ يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ) وَهُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ، وَيَرُدُّ الْجَوَابَ، وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْهَامِ، كَذَا قِيلَ، وَالصَّوَابُ ضَبْطُهُ بِهِ (لِلْبَالِغِينَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أُولَاهُمَا الصِّحَّةُ، نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " مَعَ الْكَرَاهَةِ لِمَا رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عُمُومَتِي يَأْمُرُونَنِي أَنْ أُؤذِّنَ لَهُمْ، وَأَنَا غُلَامٌ لَمْ أَحْتَلِمْ، وَأَنَسٌ شَاهَدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَهَذَا مِمَّا يَظْهَرُ، وَلَا يَخْفَى، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهُ ذَكَرٌ تَصِحُّ صَلَاتُهُ، فَصَحَّ أَذَانُهُ كَالْبَالِغِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، قَدَّمَهَا فِي " الْفُرُوعِ " وَاخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ، لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، فَلَمْ يَحْصُلِ الْإِعْلَامُ بِأَذَانِهِ، أَوْ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَفِعْلُهُ نَفْلٌ، وَهُوَ أَوْلَى، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَتَخَرَّجُ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَشَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَاهِقَ يَصِحُّ أَذَانُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ.
[أَذَانُ الْفَاسِقِ]
(وَهَلْ يُعْتَدُّ بِأَذَانِ الْفَاسِقِ) أَيِ: الْعَاصِي، لِأَنَّ الْفِسْقَ لُغَةً: الْعِصْيَانُ، وَالتَّرْكُ لِأَمْرِ اللَّهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute