للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْعَ تُرِكَ بِحَالِهِ.

وَلِلْمُعِيرِ التَّصَرُّفُ فِي أَرْضِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِالشَّجَرِ، وَلِلْمُسْتَعِيرِ الدُّخُولُ لِلسَّقْيِ وَالْإِصْلَاحِ وَأَخْذِ الثَّمَرَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِ أُجْرَةً مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ، وَذَكَرُوا عَلَيْهِ أُجْرَةً فِي الزَّرْعِ فَيَخْرُجُ فِيهِمَا وَفِي سَائِرِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلِلْمُسْتَعِيرِ ثُلُثُهُ، فَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيْعُ مَا لَهُ مُنْفَرِدًا لِمَنْ شَاءَ، وَيَكُونُ كَهُوَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْتَعِيرِ لِغَيْرِ الْمُعِيرِ (فَإِنْ أَبَيَا الْبَيْعَ تُرِكَ بِحَالِهِ) أَيْ: يَبْقَى فِيهَا مَجَّانًا فِي الْأَصَحِّ حَتَّى يَتَّفِقَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا. وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: يَبِيعُهُمَا الْحَاكِمُ.

تَنْبِيهٌ: غَرْسُ الْمُشْتَرِي وَبِنَاؤُهُ كَذَلِكَ إِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ، أَوْ فَلَسٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَأْخُذُهُ، وَلَا يَقْلَعُهُ. وَقِيلَ: إِنْ أَبَى الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ وَمُشَارَكَتَهُ بِالنَّقْصِ، وَأَبَى دَفْعَ قِيمَتِهِ رَجَعَ أَيْضًا.

[تَصَرُّفُ الْمُعِيرِ فِي أَرْضِهِ]

(وَلِلْمُعِيرِ التَّصَرُّفُ فِي أَرْضِهِ) وَالِانْتِفَاعُ بِهَا كَيْفَ شَاءَ وَدُخُولُهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِالشَّجَرِ) وَالْبِنَاءِ لِإِذْنِهِ فِيهِمَا، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِمَا (وَلِلْمُسْتَعِيرِ الدُّخُولُ لِلسَّقْيِ وَالْإِصْلَاحِ وَأَخْذِ الثَّمَرَةِ) لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الشَّيْءِ إِذَنٌ فِيمَا يَعُودُ بِصَلَاحِهِ، وَاقْتَضَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الدُّخُولُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَالتَّفَرُّجِ وَنَحْوِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ " (وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِ أُجْرَةً مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ) لِأَنَّ بَقَاءَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بِحُكْمِ الْعَارِيَةِ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ بِلَا أُجْرَةٍ كَالْخَشَبِ عَلَى الْحَائِطِ (وَذَكَرُوا) أَيْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ (عَلَيْهِ أُجْرَةً فِي الزَّرْعِ) مِنْ رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى رُجُوعِ الْمُعِيرِ مَنْعُ الْمُسْتَعِيرِ مِنَ الِانْتِفَاعِ ضَرُورَةَ بُطْلَانِ الْإِذْنِ الْمُبِيحِ لِذَلِكَ، فَوَجَبَ بَقَاؤُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (فَيَخْرُجُ فِيهِمَا وَفِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ) أَيْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُشْبِهُهَا (وَجْهَانِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرُّجُوعِ الْمُوجِبِ لِذَلِكَ، فَخَرَجَ بَعْضُهُمْ مِنَ الزَّرْعِ إِلَى الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ، وَعَكَسَ آخَرُونَ. وَقِيلَ: يَجْرِي فِي كُلِّ مَا اسْتُعِيرَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " التَّبْصِرَةِ " فِي مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِيمَا سِوَى أَرْضٍ لِلدَّفْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ الرُّجُوعِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنَ الْقَلْعِ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ، فَفِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَةِ بَاقٍ فِيهِ، لِكَوْنِهَا صَارَتْ لَازِمَةً لِلضَّرَرِ اللَّاحِقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>