فِي نَقْصِ بَصَرِهِ، أَوْ سَمْعِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ بَصَرِهِ، أُرِيَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ به، وَقُرِّبَ الشَّيْءُ إِلَى عَيْنِهِ فِي وَقْتِ غَفْلَتِهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ سَمْعِهِ، أَوْ شَمِّهِ، أَوْ ذَوْقِهِ صِيحَ بِهِ فِي أَوْقَاتِ غَفْلَتِهِ، وَتُتُبِّعَ بِالرَّائِحَةِ الْمُنْتِنَةِ، وَأُطْعِمَ الْأَشْيَاءَ الْمُرَّةَ، فَإِنْ فَزِعَ مِمَّا يَدْنُو مِنْ بَصَرِهِ، أَوِ انْزَعَجَ لِلصَّوْتِ، أَوْ عَبَسَ لِلرَّائِحَةِ، أَوِ الطَّعْمِ الْمُرِّ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ. وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
فَصْلٌ وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حَتَّى يَنْدَمِلَ، وَلَا دِيَةُ سِنٍّ، وَلَا ظُفُرٍ، وَلَا مَنْفَعَةٍ حَتَّى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَصَرِهِ، أَوْ سَمْعِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَقَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ وَتَجِبُ بِقَدْرِ نَقْصِهِ، وَقِيلَ: حُكُومَةٌ كَمَا لَوْ جَهِلَ قَدْرَ نَقْصِهِ، فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إِنَّهُ يُرْجَى عَوْدُهُ إِلَى مُدَّةٍ، انْتَظَرَ إِلَيْهَا (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ بَصَرِهِ أُرِيَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ به) بِأَنْ يُمْتَحَنَ فِي ذَلِكَ (وَقُرِّبَ الشَّيْءُ إِلَى عَيْنِهِ فِي وَقْتِ غَفْلَتِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ مِنْهُمْ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ كَالْبَيِّنَةِ (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ سَمْعِهِ، أَوْ شَمِّهِ، أَوْ ذَوْقِهِ صِيحَ بِهِ فِي أَوْقَاتِ غَفْلَتِهِ، وَتُتُبِّعَ بِالرَّائِحَةِ الْمُنْتِنَةِ وَأُطْعِمَ الْأَشْيَاءَ الْمُرَّةَ، فَإِنْ فَزِعَ مِمَّا يَدْنُو مِنْ بَصَرِهِ، أَوِ انْزَعَجَ لِلصَّوْتِ، أَوْ عَبَسَ لِلرَّائِحَةِ، أَوِ الطَّعْمِ الْمُرِّ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِهِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْجَانِي ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ، وَيَحْلِفُ لِئَلَّا يَكُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ أَمَارَاتِ ذَلِكَ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ: قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (مَعَ يَمِينِهِ) لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ تَحَفُّظِهِ وَمَتَى حُكِمَ لَهُ بِالدِّيَةِ، ثُمَّ انْزَعَجَ عِنْدَ صَوْتٍ، أَوْ غَطَّى أَنْفَهُ عِنْدَ رَائِحَةٍ مُنْتِنَةٍ فَطُولِبَ بِالدِّيَةِ فَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا قُبِلَ قَوْلُهُ ; لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِالِاحْتِمَالِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ يُعْلَمُ صِحَّةُ سَمْعِهِ وَشَمِّهِ رَدَّ مَا أَخَذَ ; لِأَنَّا تَبَيَّنَّا كَذِبَهُ، فَإِنِ ادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ وُلِدَ أَبْكَمَ، وَلَا بَيِّنَةَ تُكَذِّبُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَقِيلَ: تُرَدُّ كَمَا لَوْ وُلِدَ نَاطِقًا، ثُمَّ خُرِسَ.
[فَصْلٌ: لَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حَتَّى يَنْدَمِلَ]
فَصْلٌ (وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حَتَّى يَنْدَمِلَ) لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَقَتْلٌ هُوَ أَمْ لَيْسَ بِقَتْلٍ؟ فَيُنْتَظَرُ لِيُعْلَمَ حُكْمُهُ، وَمَا الْوَاجِبُ فِيهِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِيفَاءُ فِي الْعَمْدِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، فَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute