للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إِلَّا مُحَرَّرَةً تَحْرِيرًا يَعْلَمُ بِهِ الْمُدَّعِي إِلَّا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ بِالْمَجْهُولِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعي عَيْنًا حَاضِرَةً عَيَّنَهَا وَإِنْ كَانَتْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَنَقْضِيَ عَلَيْكَ. لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الدَّعْوَى عَلَى مَجْهُولٍ، فَيَضِيعُ الْحَقُّ بِإِقْرَارِهِ هَذَا. فَإِنِ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ تُسْمَعْ فِي الْأَشْهَرِ.

[لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إِلَّا مُحَرَّرَةً تَحْرِيرًا يَعْلَمُ بِهِ الْمُدَّعِي]

فَصْلٌ

(وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إِلَّا مُحَرَّرَةً تَحْرِيرًا يَعْلَمُ بِهِ الْمُدَّعِي) لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَمَّا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ أَلْزَمَهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُلْزِمَهُ مَجْهُولًا. (إِلَّا فِي الْوَصِيَّةِ) وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ السَّامَرِيُّ. (وَالْإِقْرَارِ) وَالْخُلْعِ، وَعَبْدٍ مُطْلَقٍ فِي مَهْرٍ حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ. (فَإِنَّهَا تَجُوزُ بِالْمَجْهُولِ) لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى أَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ لَصَحَّ، فَكَذَا هَذَا. وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِالْحَالِّ، فَلَا بُدَّ فِي الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ حَالًّا. وَقِيلَ: تُسْمَعُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ إِذَا خَافَ سَفَرَ الشُّهُودِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا تُسْمَعُ، فَيَثْبُتُ أَصْلُ الْحَقِّ لِلُزُومِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَدَعْوَى تَدْبِيرٍ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي قَتْلِ أَبِي أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ، أَنَّهُ يُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ لِوُقُوعِهِ كَثِيرًا، وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ. وَكَذَا دَعْوَى غَصْبٍ وَسَرِقَةٍ، لَا إِقْرَارٍ وَبَيْعٍ إِذَا قَالَ: نَسِيتُ. لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ، وَإِنْ يُصَرِّحْ بِهَا فَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ عَنْ دَعْوَى فِي وَرَقَةٍ ادَّعَى بِمَا فِيهَا، وَأَنْ تَنْفَكَّ عَمَّا يُكَذِّبُهَا، فَلَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ الْمُشَارَكَةَ فِيهِ، لَمْ تُسْمَعِ الثَّانِيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي، إِلَّا أَنْ يَقُولَ: غَلِطْتُ أَوْ كَذَبْتُ فِي الْأَوَّلِ. فَالْأَظْهَرُ تُقْبَلُ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ لِإِمْكَانِهِ، وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا. (فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا حَاضِرَةً) فِي الْمَجْلِسِ. (عَيَّنَهَا) لِأَنَّهُ يَنْتَفِي اللَّبْسُ. وَكَذَا إِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً، لَكِنْ لَمْ تَحْضُرْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، اعْتُبِرَ إِحْضَارُهَا لِلتَّعْيِينِ، وَيَجِبُ إِحْضَارُهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إِنْ أَقَرَّ أَنَّ بِيَدِهِ مِثْلَهَا. وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا بِيَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ حُبِسَ أَبَدًا حَتَّى يُحْضِرَهَا، أَوْ يَدَّعِيَ تَلَفَهَا فَيُصَدَّقُ لِلضَّرُورَةِ، وَتَكْفِي الْقِيمَةُ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ، ذَكَرَ مَوْتَهُ وَحَرَّرَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي.

وَفِي الْمُغْنِي: أَوْ أَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ. وَإِنِ ادَّعَى مَالًا مُطْلَقًا لَمْ يَجِبْ ذِكْرُ سَبَبِهِ وَقَدْرِهِ وَجِنْسِهِ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. فَإِنِ ادَّعَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، لَمْ يُعْتَبَرْ ذِكْرُ سَبَبِهِ، وَجْهًا وَاحِدًا لِكَثْرَةِ سَبَبِهِ، وَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ: أَسْتَحِقُّ هَذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِكَ أَوْ ذِمَّتِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>