للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، سُلِّمَتْ إِلَيْهِ. وَهَلْ يَحْلِفُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إِلَيْهِ، وَأُقِرَّتْ فِي يَدِهِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً إنَّهَا لِمَنْ سَمَّى، فَلَا يَحْلِفُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ، قِيلَ لَهُ: إِمَّا أَنْ تُعَرِّفَهُ، وَإِمَّا أَنْ نَجْعَلَكَ نَاكِلًا.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَيِّنَةٌ سُلِّمَتْ إِلَيْهِ) لِأَنَّ جَانِبَهُ قَدْ تَرَجَّحَ بِهَا. (وَهَلْ يَحْلِفُ) مَعَهَا؛ (عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: لَا يَحْلِفُ، جَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، وَهِيَ أَشْهَرُ ; لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ لِلْخَبَرِ. وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، لِأَنَّ الْغَائِبَ وَالصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ لَا يَقُومُ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بِالْحُجَّةِ، فَاحْتِيجَ إِلَى الْيَمِينِ لِتَأْكِيدِ الْبَيِّنَةِ. وَقِيلَ: إِنْ جُعِلَ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ أَخَذَهَا وَحَلَفَ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنَّهُ إِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ تَعَارَضَتَا، وَأُقِرَّتْ بِيَدِ الْمُدَّعِي إِنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْخَارِجِ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْغَائِبِ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ) لَمْ يَقْضِ لَهُ بِهَا، وَيُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَقْدِمَ الْغَائِبُ وَيَصِيرَ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ مُكَلَّفًا، فَتَكُونُ الْخُصُومَةُ لَهُ. (حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إِلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ الدَّفْعُ، وَمَنْ لَزِمَهُ الدَّفْعُ مَعَ الْإِقْرَارِ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ مَعَ الْإِنْكَارِ. (وَأُقِرَّتْ فِي يَدِهِ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ انْدَفَعَتْ دَعْوَاهُ بِالْيَمِينِ. وَفِي الشَّرْحِ: إِذَا قَالَ الْمُدَّعِي: أَحْلِفُوا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. أَحْلَفْنَاهُ، وَتُقَرُّ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ، وَلَوْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ غَرِمَ بَدَلَهَا.

وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: بَلْ تَكُونُ عِنْدَ أَمِينِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْخُذَهَا الْمُقَرُّ لَهُ.

فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي اثْنَيْنِ غَرِمَ عِوَضَيْنِ لَهُمَا. وَفِي الشَّرْحِ: مَتَى عَادَ الْمُقِرُّ بِهَا لِغَيْرِهِ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ تُسْمَعْ ; لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ. (إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِمَنْ سَمَّى، فَلَا يَحْلِفُ) أَيْ: إِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلِيهِ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِمَنْ سَمَّاهُ، سَمِعَهَا الْحَاكِمُ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ عَنِ الْحَاضِرِ، وَسُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ، وَلَمْ يَقْضِ بِهَا ; لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْغَائِبِ، وَالْغَائِبُ لَمْ يَدَعْهَا هُوَ وَلَا وَكِيلُهُ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا، إِذَا قُلْنَا بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، وَإِنَّ لِلْمُودِعِ الْمُحَاكَمَةَ فِي الْوَدِيعَةِ إِذَا غُصِبَتْ. وَاقْتَصَرَ فِي الرِّعَايَةِ عَلَى حِكَايَةِ هَذَا التَّخْرِيجِ فَقَطْ.

فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ أَنَّهَا مَعَهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ، لَمْ يَقْضِ بِهَا. وَيَتَخَرَّجُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ. وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ، وَقُلْنَا لَهُمَا: الْمُحَاكَمَةُ. ثَبَتَ الْمِلْكُ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ، قِيلَ لَهُ: إِمَّا أَنْ تُعَرِّفَهُ، وَإِمَّا أَنْ نَجْعَلَكَ نَاكِلًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>