أَبُو بَكْرٍ: لَا يَكُونُ يَمِينًا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ.
وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالْمُصْحَفِ أَوْ بِالْقُرْآنِ فَهِيَ يَمِينٌ فِيهَا كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَعَنْهُ: بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ قَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ، أَوْ أَشْهَدَ بِاللَّهِ، أَوْ أُقْسِمُ بِاللَّهِ، أَوْ أَعْزِمُ بِاللَّهِ، كَانَ يَمِينًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَكْرٍ: لَا يَكُونُ يَمِينًا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ) هَذَا رِوَايَةٌ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ يَمِينًا بِتَقْدِيرِ خَبَرٍ مَحْذُوفٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَعَمْرُو اللَّهِ مَا أُقْسِمُ بِهِ، فَيَكُونُ مَجَازًا، وَالْمَجَازُ لَا يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ الْإِطْلَاقُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ احْتِيَاجَ الْكَلَامِ إِلَى تَقْدِيرٍ لَا يَضُرُّ، لِأَنَّ اللَّفْظَ إِذَا اشْتُهِرَ فِي الْعُرْفِ صَارَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْعُرْفِيَّةِ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دُونَ مَوْضُوعِهِ الْأَصْلِيِّ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لَعَمْرُكَ اللَّهُ، فَقِيلَ: هُوَ مِثْلَ نَشَدْتُكَ اللَّهَ، وَإِنْ قَالَ: لَعَمْرُكَ، أَوْ لَعَمْرِي، أَوْ عَمْرُكَ، فَلَيْسَ بِيَمِينٍ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، لِأَنَّهُ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ مَخْلُوقٍ، وَنَقَلَ الْجَوْزَجَانِيُّ: إِذَا قَالَ: لَعَمْرِي، كَانَ يَمِينًا، وَقَالَهُ الْحَسَنُ: فَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ.
[حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالْمُصْحَفِ أَوْ بِالْقُرْآنِ]
(وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالْمُصْحَفِ أَوْ بِالْقُرْآنِ) أَوْ آيَةٍ مِنْهُ، (فَهِيَ يَمِينٌ) فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، فَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ، وَلَمْ يَكْرَهْ أَحْمَدُ الْحَلِفَ بِالْمُصْحَفِ، لِأَنَّ الْحَالِفَ إِنَّمَا قَصَدَ الْمَكْتُوبَ فِيهِ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ بِالْإِجْمَاعِ، (فِيهَا كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ) قَدَّمَهُ الْأَئِمَّةُ، مِنْهُمُ الْجَدُّ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّ الْحَلِفَ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَكْرَارَ الْيَمِينِ بِهَا لَا يُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ كَفَّارَةٍ، فَهَذَا أَوْلَى، وَكَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، (وَعَنْهُ: بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ) إِنْ قَدَرَ، قَالَ فِي الْكَافِي: هِيَ الْمَنْصُوصَةُ عَنْهُ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَهِيَ قَوْلُ الْحَسَنِ، لِمَا رَوَى مُجَاهِدٌ مَرْفُوعًا: «مَنْ حَلَفَ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ وَيَمِينُ صَبْرٍ» . وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ، ورواه بمعناه أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ. وَعَنْهُ: يَجِبُ مُطْلَقًا، وَفِي الْفُصُولِ: وُجِّهَ بِكُلِّ حَرْفٍ، وَفِي الرَّوْضَةِ: مَنْ حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ فَحَنِثَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، (وَإِنْ قَالَ: أَحْلِفُ) أَوْ حَلَفْتُ، (بِاللَّهِ، أَوْ أَشْهَدُ بِاللَّهِ، أَوْ أُقْسِمُ بِاللَّهِ، أَوْ أَعْزِمُ بِاللَّهِ كَانَ يَمِينًا) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ سَوَاءٌ نَوَى الْيَمِينَ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute