فَصْلٌ السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ تَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَتُهُ.
فَإِنِ اشْتَرَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْمُرَادُ بِهِ إِذَا كَانَ فِي الْآجَامِ فَلَوْ كَانَ فِي بِرْكَةٍ مُعِدًّا لِلصَّيْدِ وَعُرِفَ بِرُؤْيَةٍ لِصَفَاءِ الْمَاءِ فِيهَا وَأَمْكَنَ اصْطِيَادُهُ، صَحَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مُمْكِنٌ تَسْلِيمُهُ، أَشْبَهَ الْمَوْضُوعَ فِي طَسْتٍ، نَعَمْ؛ إِنْ كَانَ فِي أَخْذِهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ خَرَجَ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّ الْبِرْكَةَ إِذَا كَانَتْ كَبِيرَةً وَتَطَاوَلَتِ الْمُدَّةُ فِي أَخْذِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِلْجَهْلِ بِوَقْتِ إِمْكَانِ التَّسْلِيمِ (وَلَا الْمَغْصُوبِ) لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ (إِلَّا مِنْ غاصِبِهِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ مَعْدُومٌ هُنَا، وَعَلَى الْأَصَحِّ (أَوْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ) لِعَدَمِ الْغَرَرِ وَلِإِمْكَانِ قَبْضِهِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ بَيْعُ آبِقٍ لِقَادِرٍ عَلَى تَحْصِيلِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، وَالْأَشْهَرُ الْمَنْعُ فَإِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِنْقَاذِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَحَّ لِظَنِّ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ.
[السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ]
[جَهَالَةُ الْمَبِيعِ غَرَرٌ]
فَصْلٌ (السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا) عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ غَرَرٌ فَيَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَلَا يَصِحُّ لِذَلِكَ، وَمَعْرِفَةُ الْمَبِيعِ تَحْصُلُ (بِرُؤْيَةٍ) مُقَارِنَةٍ لَهُ، أَوْ لِبَعْضِهِ إِنْ دَلَّتْ عَلَى بَقِيَّتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
فَرُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْ ثَوْبٍ خَامٍ يَكْفِي لَا مَنْقُوشٍ، وَلِأَنَّ الرُّؤْيَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا تُحَصِّلُ الْعِلْمَ بِحَقِيقَةِ الْمَبِيعِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا عُرِفَ بِلَمْسِهِ أَوْ شَمِّهِ أَوْ ذَوْقِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: وَيَعْرِفُ صِفَةَ الْمَبِيعِ تَقْرِيبًا، فَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ غَيْرِ جَوْهَرِيٍّ جَوْهَرَةً (أَوْ صِفَةٍ تَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَتُهُ) عَلَى الْأَصَحِّ كَالصِّفَةِ الَّتِي تَكْفِي فِي السَّلَمِ، لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ، وَالْبَيْعُ يَتَمَيَّزُ بِمَا يَصِفُهُ الْعَاقِدُ، وَالشَّرْعُ قَاضٍ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِ، بِدَلِيلِ قَبُولِ قَوْلِهِ: إِنَّهُ مِلْكُهُ، وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَعْلُومٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَصَحَّ كَالْحَاضِرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ بِالصِّفَةِ مَخْصُوصٌ بِمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لَا غَيْرُهُ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute