للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِزْيَةِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: مَصْرِفُ الزَّكَاةِ وَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِيٍّ غَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي: تُؤْخَذُ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُودِهِمْ.

وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

هَؤُلَاءِ حَمْقَى رَضُوا بِالْمَعْنَى، وَأَبَوْا الِاسْمَ. (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: مَصْرِفُ الزَّكَاةِ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَاخْتَارَهَا جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُ مُسَمًّى بِالصَّدَقَةِ، فَكَانَ مَصْرِفُهُ مَصْرِفَهَا. وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَخَصُّ مِنَ الِاسْمِ، وَلَوْ كَانَ صَدَقَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ لَجَازَ دَفْعُهَا إِلَى فُقَرَاءِ مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُمْ، كَصَدَقَةِ الْمُسْلِمِينَ. (وَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِيٍّ غَيْرِهِمْ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩] «وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا» ، وَهُمْ عَرَبٌ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَوَّلُ مَنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ أَهْلُ نَجْرَانَ، وَكَانُوا نَصَارَى، وَأَخَذَهَا مِنْ أُكَيْدِرِ دَوْمَةَ وَهُوَ عَرَبِيٌّ، وَحُكْمُهَا ثَابِتٌ فِي كُلِّ كِتَابِيٍّ، عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، إِلَّا مَا خُصَّ بِهِ بَنُو تَغْلِبَ لِمُصَالَحَةِ عُمَرَ إِيَّاهُمْ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُمْ عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ. وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ لِأَوْجُهٍ. (وَقَالَ الْقَاضِي: تُؤْخَذُ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُودِهِمْ) لِأَنَّهُمْ مِنَ الْعَرَبِ، أَشْبَهُوا بَنِي تَغْلِبَ، وَذَكَرَ هُوَ وَأَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ حُكْمَ مَنْ تَنَصَّرَ مِنْ تَنُوخٍ، وَتَهَوَّدَ مِنْ كِنَانَةَ، وَتَمَجَّسَ مِنْ تَمِيمٍ حُكْمُ بَنِي تَغْلِبَ سَوَاءٌ. وَقِيلَ: لَا، وَاخْتَارَهَا الْمُؤَلِّفُ، وَحَكَاهُ نَصُّ أَحْمَدَ.

فَرْعٌ: لِلْإِمَامِ مُصَالَحَةُ مِثْلِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا خَشِيَ ضَرَرَهُ بِقُوَّةِ شَوْكَةٍ، وَأَبَاهَا إِلَّا بِاسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَعَّفَةً، نَصَّ عَلَيْهِ.

[مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ]

(وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ) لِأَنَّ مِثْلَهُمْ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى – {قَاتِلُوا} وَالْمُقَاتَلَةُ إِنَّمَا تَكُونُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ: أَنِ اضْرِبُوا الْجِزْيَةَ، وَلَا تَضْرِبُوهَا عَلَى النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ. (وَلَا امْرَأَةٍ) لِمَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ بَذَلَتْهَا أُخْبِرَتْ بِأَنَّهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا، فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِهَا، قُبِلَتْ، وَتَكُونُ هِبَةً تَلْزَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>