فُقَرَاءَ فِيهِ، فَيُفَرِّقُهَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ وَمَالُهُ فِي آخَرَ، أَخْرَجَ زَكَاةَ الْمَالِ فِي بَلَدِهِ وَفِطْرَتَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ،
وَإِذَا حَصَلَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَاشِيَةٌ، اسْتُحِبَّ لَهُ وَسْمُ الْإِبِلِ فِي أَفْخَاذِهَا، وَالْغَنَمِ فِي آذَانِهَا، فَإِنْ كَانَتْ زَكَاةً،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِيهِ) بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ كَانُوا وَفَضَلَ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ مُعَاذًا بَعَثَ إِلَى عُمَرَ صَدَقَةً مِنَ الْيَمَنِ، فَأَنْكَرَ عُمَرُ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَمْ أَبْعَثْكَ جَابِيًا، وَلَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَأْخُذَ مِنْ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ فَتَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ، فَقَالَ مُعَاذٌ: مَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ وَأَنَا أَجِدُ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنِّي. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فَيَنْقُلُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَمُؤْنَةُ نَقْلِهَا عَلَى الْمَالِكِ كَالْكَيْلِ وَنَحْوِهِ (فَيُفَرِّقُهَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى، وَحُكْمُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَذَلِكَ، وَلَوْ عَبَّرَ " بِمَوْضِعٍ " لَكَانَ أَشْمَلَ، وَيُسْتَثْنَى مِنَ الْأَوَّلِ مَا لَوْ كَانَ نِصَابٌ مِنَ السَّائِمَةِ مُتَفَرِّقًا فِي بَلَدَيْنِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُخْرَجَ فِي أَحَدِهِمَا؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى التَّشْقِيصِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الْمَالِ؛ لِئَلَّا يَنْقُلَهَا (وَإِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ، وَمَالُهُ فِي آخَرَ، أَخْرَجَ زَكَاةَ الْمَالِ فِي بَلَدِهِ) أَيْ: بَلَدِ الْمَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا يَنْقُلَ الصَّدَقَةَ عَنْهُ، وَلِأَنَّ الْمَالَ سَبَبُ الزَّكَاةِ، فَوَجَبَ إِخْرَاجُهَا حَيْثُ وُجِدَ السَّبَبُ، وَإِنْ كَانَ مُتَفَرِّقًا زَكَّى كُلَّ مَالٍ حَيْثُ هُوَ.
فَرْعٌ: السَّفَّارُ بِالْمَالِ يُزَكِّي مِنْ مَوْضِعٍ أَكْثَرِ إِقَامَةِ الْمَالِ فِيهِ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ لِتَعَلُّقِ الْأَطْمَاعِ بِهِ غَالِبًا، وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ تَفْرِقَتَهُ فِي الْبُلْدَانِ الَّتِي كَانَ بِهَا فِي الْحَوْلِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يُفَرِّقُ زَكَاتَهُ حَيْثُ حَالَ حَوْلُهُ لِئَلَّا يُفْضِي إِلَى تَأْخِيرٍ (وَ) إِخْرَاجُ (فِطْرَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا، فَوَجَبَ إِخْرَاجُهَا حَيْثُ وُجِدَ السَّبَبُ.
[وَسْمُ إِبِلِ الصَّدَقَةِ]
(وَإِذَا حَصَلَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَاشِيَةٌ اسْتُحِبَّ لَهُ وَسْمُ الْإِبِلِ) وَالْبَقَرِ (فِي أَفْخَاذِهَا، وَالْغَنَمِ فِي آذَانِهَا) لِمَا رَوَى أَنَسٌ قَالَ: «غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَحْمَدَ، وَابْنِ مَاجَهْ: «وَهُوَ يَسِمُ غَنَمًا فِي آذَانِهَا» ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ لِيَتَمَيَّزَ عَنِ الضَّوَالِّ، وَلِتُرَدَّ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute