فَصْلٌ وَإِذَا خَالَعَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا، فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَأَوْصَى لَهَا بِأَكْثَرَ، لَمْ تَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِلشَّرْطِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ} [القصص: ٢٧] الْآيَةَ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ بِأَلْفٍ فَقَطْ، وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ بِأَلْفٍ حَتَّى تَخْتَارَ، فَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ؛ لِأَنَّهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ حَرْفَ شَرْطٍ فَهِيَ لِلْمُعَاوَضَةِ فِي: بِعْتُكَ بِكَذَا، وَزَوَّجْتُكَ بِكَذَا.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ، فَقَالَتْ: قَبِلْتُ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ - لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ قَالَتْ: قَبِلْتُ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ - وَقَعَ الثُّلُثُ، وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَإِنْ قَالَتْ: قَبِلْتُ بِأَلْفَيْنِ، وَقَعَ وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاحِدَةٌ مِنْهَا بِأَلْفٍ، طَلَّقَتِ اثْنَتَيْنِ، وَوَقَعَتِ الثَّالِثَةُ عَلَى قَبُولِهَا، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ طَلَاقِهَا إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ: الْأُولَى بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالثَّانِيَةُ بِأَلْفٍ - بَانَتْ بِالثَّلَاثِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا.
[الْمُخَالَعَةُ فِي الْمَرَضِ]
فَصْلٌ (وَإِذَا خَالَعَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا) الْمُخَالَعَةُ فِي الْمَرَضِ صَحِيحَةٌ، سَوَاءً كَانَا مَرِيضَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا - بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ، ثُمَّ إِذَا خَالَعَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِمِيرَاثِهِ مِنْهَا فَمَا دُونَ - صَحَّ وَلَا رُجُوعَ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ بِزِيَادَةٍ بَطَلَتِ الزِّيَادَةُ (فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا تُهْمَةَ فِيهِ - بِخِلَافِ الْأَكْثَرِ مِنْهَا - فَإِنَّ الْخُلْعَ إِنْ وَقَعَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْمِيرَاثِ تَطَرَّقَتْ إِلَيْهِ التُّهْمَةُ مِنْ قَصْدِ إِيصَالِهَا إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى وَجْهٍ لَمْ تَكُنْ قَادِرَةً عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَتْ أَوْ أَقَرَّتْ لَهُ، وَإِنْ وَقَّعَ بِأَقَلَّ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَالْبَاقِي هُوَ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ، فَلَمْ يَسْتَحِقُّهُ، فَتَعَيَّنَ اسْتِحْقَاقُ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ مِيرَاثُهُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَاقَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَاقِ أَوْ أَقَلَّ، صَحَّ، وَإِنْ كَانَ مَا خَالَعَتْهُ أَكْثَرَ، بَطَلَتِ الزِّيَادَةُ (وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَأَوْصَى لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا، لَمْ تَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا) أَيْ: لِلْوَرَثَةِ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اتُّهِمَ فِي أَنَّهُ قَصَدَ إِيصَالَ ذَلِكَ إِلَيْهَا، كَالْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى لَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute