بَائِنًا، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْأُخْرَى رَجْعِيًّا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفٌ، طُلِّقَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ، فَكَذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تُطَلَّقَ حَتَّى تَخْتَارَ، فَلَزِمَهَا الْأَلْفُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الطَّلَاقُ، فَتَبِينُ الْمُكَلَّفَةُ بِنِصْفِ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَرَجَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ: يَسْقُطُ بِقَدْرِ مَهْرَيْهِمَا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَتُطَلَّقُ الْأُخْرَى رَجْعِيًّا مَجَّانًا، فَإِنَّ بَذْلَهَا لِلْعِوَضِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَكَذَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِسَفَهٍ؛ لِأَنَّ لَهَا مَشِيئَةً، وَتَصَرُّفُهَا فِي الْمَالِ غَيْرُ صَحِيحٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَشِيئَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً، لَمْ تَصِحَّ الْمَشِيئَةُ مِنْهَا، وَلَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، وَعَنْهُ: لَا مَشِيئَةَ لِمُمَيِّزَةٍ كَدُونِهَا، فَلَا طَلَاقَ، فَإِنْ كَانَتَا رَشِيدَتَيْنِ وَقَعَ بِهِمَا الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَإِنْ قَبِلَتْهُ إِحْدَاهُمَا لَمْ تُطَلَّقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَشِيئَتَهُمَا شَرْطًا فِي طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُطَلَّقُ وَحْدَهَا بِقِسْطِهَا، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: مَا شِئْتُمَا، وَإِنَّمَا قُلْتُمَا ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِكُمَا، أَوْ قَالَتَا: مَا شِئْنَا بِقُلُوبِنَا - لَمْ يَقْبَلْ (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ) ابْتِدَاءً: (أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفٌ، طُلِّقَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ الْأَلْفَ عِوَضًا لِلْمُطَلَّقَةِ، وَلَا شَرْطًا فِيهَا، وَإِنَّمَا عَطَفَهُ عَلَى الطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَهُ، فَوَقَعَ مَا يَمْلِكُهُ دُونَ مَا لَا يَمْلِكُهُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ الْحَجُّ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ الْمَرْأَةُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ كَانَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً تُعْتَبَرُ فِيهَا شُرُوطُ الْهِبَةِ (وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ، فَكَذَلِكَ) أَيْ: يُطَلِّقُ بِغَيْرِ شَيْءٍ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ عِوَضًا لَمْ يَبْذُلْهُ، فَوَقَعَ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ " عَلَى " لَيْسَتْ لِلشَّرْطِ وَلَا لِلْمُعَاوَضَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ: بِعْتُكَ ثَوْبِي عَلَى دِينَارٍ، وَقِيلَ: لَا تُطَلَّقُ كَنَظِيرَتِهِنَّ فِي الْعِتْقِ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ إِلَّا فِي: وَعَلَيْكِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا إِذَا قَبِلَتْهُ فِي الْمَجْلِسِ بَانَتْ وَاسْتَحَقَّهُ، وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا، وَلَا يَنْقَلِبُ بَائِنًا بِبَذْلِهَا الْعِوَضَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ عَدَمِ قَبُولِهَا (وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تُطَلَّقَ حَتَّى تَخْتَارَ، فَلَزِمَهَا الْأَلْفُ) هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ "؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ: إِنْ ضَمِنْتِ لِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ وَلِأَنَّ " عَلَى " تُسْتَعْمَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute