للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُؤْيَتِهَا، فَلَا يَحْنَثُ حتى تراه،

وَإِنْ قَالَ: مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقَدُومِ أَخِي، فَهِيَ طَالِقٌ، فَأَخْبَرَهُ بِهِ امْرَأَتَاهُ - طُلِّقَتِ الْأُولَى مِنْهُمَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّادِقَةُ وَحْدَهَا، فَتُطَلَّقُ وَحْدَهَا.

وَإِنْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِهِ فَهِيَ طَالِقٌ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْعِدَّةَ؛ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَمَّا يُعْلَمُ بِهِ دُخُولُهُ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» فَانْصَرَفَ لَفْظُ الْحَالِفِ إِلَى عُرْفِ الشَّرْعِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إِلَى الشَّرْعِيَّةِ، وَفَارَقَ رُؤْيَةَ زَيْدٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عُرْفٌ شَرْعِيٌّ (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا، فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى تَرَاهُ) لِأَنَّهَا رُؤْيَة حَقِيقة، وَيُقْبَلُ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ بِقَرِينَةٍ، وَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ هِلَالَ الشَّهْرِ مَا كَانَ فِي أَوَّلِهِ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى رُؤْيَةً، وَالْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِرُؤْيَتِهِ فِي الشَّرْعِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ أَنَا بِعَيْنِي، فَلَمْ يَرَهُ حَتَّى أَقْمَرَ - لَمْ تُطَلَّقْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِهِلَالٍ، وَهُوَ هِلَالٌ إِلَى الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَقْمُرُ، وَقِيلَ: إِلَى الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: إِذَا اسْتَدَارَ وَبَهَرَ ضَوْؤُهُ.

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: إِذَا رَأَيْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَرَأَتْهُ وَلَوْ مَيِّتًا، أَوْ فِي مَاءٍ، أَوْ زُجَاجٍ شَفَّافٍ - طُلِّقَتْ، إِلَّا مَعَ نِيَّةٍ، أَوْ قَرِينَةٍ، لَا خَيَالِهِ فِي مَاءٍ وَمِرْآةٍ، وَفِي مُجَالَسَتِهَا لَهُ وَهِيَ عَمْيَاءُ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا حِنْثَ.

[إِنْ قَالَ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ]

(وَإِنْ قَالَ: مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي، فَهِيَ طَالِقٌ، فَأَخْبَرَهُ بِهِ امْرَأَتَاهُ - طُلِّقَتِ الْأُولَى مِنْهُمَا) إِذَا كَانَتْ صَادِقَةً؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ خَبَرٌ تَتَغَيَّرُ بِهِ بَشْرَةُ الْوَجْهِ مِنْ سُرُورٍ أَوْ غَمٍّ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلْخَيْرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ} [الزمر: ١٧] فَإِنْ أُرِيدَ الشَّرُّ، قُيِّدَتْ، قَالَ تَعَالَى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤] (إِلَّا أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّادِقَةُ وَحْدَهَا، فَتُطَلَّقَ وَحْدَهَا) ؛ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِبِشَارَتِهَا، وَإِنْ كَانَتَا كَاذِبَتَيْنِ، لَمْ تُطَلَّقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا سُرُورَ فِي الْكَذِبِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا بَشَّرَهُ نِسَاؤُهُ مَعًا طُلِّقْنَ؛ لِأَنَّ " مَنْ " تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ فَمَا زَادَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>